حصر قبضها لمثل ذلك على وجه لا يجزي غيرها ازداد إشكالا ، لمخالفته لعموم ولاية الحاكم المقتضى للاكتفاء بحصول القبض منه ، ومن منصوبه بالاستيلاء عليه بإذن الواقف ، كغيره من الموقوفات من غير حاجة إلى صلاة أو دفن.
ولذا صرح الفاضل في القواعد والمحقق الثاني في جامعه والشهيد الأول في دروسه ، والثاني في مسالكه بالاكتفاء به ، كما هو المحكي عن الإيضاحين والتنقيح والكفاية والمفاتيح ، إلا أن الجميع ذكروا ذلك بلفظ الأقرب والأقوى ونحوهما ، مشعرين باحتمال العدم ، كما صرح به في جامع المقاصد قال : لعدم النص ، وظاهره وجوده في الأول ، لكن لم نعثر عليه.
وعلى كل حال فقد قيده غير واحد بوقوع ذلك بإذن الواقف ليتحقق الإقباض الذي هو شرط صحة القبض ، وبوقوعهما بنية القبض أيضا فلو أوقعاه لا بنيته كما لو وقع قبل العلم بالوقف أو بعده قيل الإذن في الصلاة أو بعدها لا يقصد أما لذهوله عنه ، أو لغير ذلك لم يعتب ، وهو مؤكد لما قلناه هناك في القبض.
لكن في جامع المقاصد وتبعه غيره « وإنما اختص هذا الوقف بنية القبض ، ولم يشترط في مطلقه ، لأن المقصود هنا صرفه إلى الجهة الموقوف عليها ، وقبض بعض المستحقين كقبض الأجنبي بالنسبة إلى قبض الموقوف عليه ، فلا بد من نية صادقة له إلى الوقف ، بخلاف الوقف على معين ، فإن قبضه متحقق لنفسه ، والمطلوب صرفه إليه وهو حاصل ، فلا حاجة إلى قصد بعينه » ومن الفرق يظهر أن القابض لو كان وكيلا عن الموقوف عليه اعتبرا قصده القبض عن الغير ، وكذا لو وقف الأب والجد ما بيدهما على المولى عليه اعتبر قبضهما عن الطفل ، ولا يكفي استصحاب يدهما ، لأن القبض السابق محسوب لنفسه لا لغيره.
ولا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه سابقا ما في هذا الكلام ، بعد معلومية كون القبض يقع على وجوه متعددة ، فلا بد من تشخيصه بالقصد ، وإن كان الوقف على معين سواء كان في يده المال بعارية ونحوها أو لم يكن ، فلا يكفى فاقد القصد فضلا عن المقصود به عدم قبض