المكلّف المعيّن قد صدر عن المكلّف الذي تعلّق الغرض بأن يصدر عنه الفعل بخصوصه إلاّ أنّه وببركة صدور الفعل عن المكلّف المطلوب منه بخصوصه أن يصدر عنه الفعل تسقط سائر الأغراض المتعلّقة بكل مكلّف بخصوصه ، وذلك لتحيّثه من أوّل الأمر بذلك ، وهذا ما برّر تقييد فعليّة كلّ تكليف ـ من التكاليف المتعدّدة بتعدّد المكلّفين ـ بعدم امتثال المكلّف الآخر له.
وهذا النحو من التكليف له ما يناظره في حياة العقلاء فقد يتعلّق غرض المولى العرفي بأن يهيّىء له عبيده الطعام بحيث يكون كلّ واحد منهم بخصوصه مسؤولا عن تهيئة الطعام إلاّ أنّ طبع هذا الغرض يقتضي ارتفاعه حينما يقوم أحد العبيد بإيجاده.
ومن هنا يتّضح الفرق بين هذا التقريب للوجوب الكفائي وبين التقريب الأول ، فإنّ موضوع التكليف بناء على التقريب الأول هو جامع المكلّفين ويكون الفرد الذي يصدر عنه التكليف هو منطبق الموضوع « الجامع » لا أنّه موضوع التكليف ، وأمّا بناء على التقريب الثاني فإن موضوع التكليف فيه هو كلّ مكلّف بخصوصيّاته.
وبما ذكرناه يتّضح أنّ الوجوب الكفائي يقتضي ـ وبناء على التفسيرين ـ أن يكون الثواب لمن يصدر عنه التكليف ؛ وذلك لأنّ الثواب مترتّب على من يحقّق غرض المولى فعلا ، ومن الواضح أنّ الذي لم يصدر عنه التكليف لم يكن قد حقّق غرض المولى وإن كان ذلك ناشئا عن عدم قدرته لتحقيق غرض المولى بسبب ارتفاع الغرض ، نعم لا يكون المكلّف مثابا على صدور التكليف عنه إلاّ في حالة يكون ذلك المكلّف ممّن يشمله