الوجود ـ وقد قلنا إنّ الوجوب لا ينتقل من الجامع إلى أفراده ، نعم يكون الفرد المأتي به مصداقا للجامع وموجبا لسقوط التكليف بالجامع أو قل إنّ الإتيان بالفرد يكون واسطة لامتثال التكليف بالجامع لا أنّه امتثال للتكليف بنحو مباشر ، إذ لا يعقل أن يتمّ الامتثال بغير المأمور به.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من أنّ الوجوب التخييري يكون متعلّقه الجامع ـ فلا يسري الحكم من الجامع إلى أفراده ـ إنّما يناسب المبنى القائل إن الأوامر متعلّقة بالطبايع لا بالأفراد ، وفي مقابل هذا المبنى يوجد مبنى آخر يرى أنّ الأوامر متعلّقة بالأفراد لا بالطبايع وهذا المبنى هو المناسب للتفسير الثاني للوجوب التخييري وحاصله :
إنّ الوجوب الذي يكون متعلّقه طبيعي الفعل الواجب يؤول روحا إلى وجوبات بعدد أفراد طبيعي الفعل « الجامع » فيكون كلّ فرد من أفراد طبيعي الفعل الواجب متعلّق لوجوب مستقل ، غايته أنّ فعليّة كل وجوب مقيّدة بعدم امتثال الوجوبات الأخرى ، وبناء على هذا المبنى يكون الإتيان بأحد أفراد طبيعي الفعل امتثالا للمأمور به وتنتفي به سائر الوجوبات المتعلّقة بالأفراد الأخرى.