المولى « أكرم زيدا » وبين أن يقول « أكرم زيدا بكلّ أنحاء الإكرام » ؛ إذ أنّ متعلّق التكليف الأول هو صرف الوجود ، وهذا ما يقتضي الإطلاق البدلي ومتعلّق الثاني هو مطلق الوجود وهذا ما يقتضي الإطلاق الشمولي.
فالأوّل يكون المكلّف فيه مخيّرا بين أفراد طبيعة المتعلّق أمّا الثاني فالمكلّف فيه مسؤول عن جميع أفراد الطبيعة ويكون كلّ فرد من أفرادها متعلّقا لتكليف مستقل فلذلك يكون معاقبا على ترك كلّ فرد من أفراد الطبيعة ومثابا على فعل كلّ فرد من أفراد الطبيعة ، فيمكن أن يكون مثابا ومعاقبا في آن واحد ، فهو مثاب على امتثال الأوّل ومعاقب على عصيان الثاني.
والمتحصّل أنّ التخيير العقلي لمّا كان متعلّقه الجامع ـ وهو طبيعي الفعل المأمور به بنحو صرف الوجود ـ فهذا يقتضي عدم سريان الوجوب من الجامع إلى أفراده ؛ وذلك لأنّ الوجوب إنّما جعل على الجامع فلا مبرّر للتحوّل منه إلى أفراده.
ومن هنا لو اختار المكلّف أحد أفراد الجامع فلا يعني ذلك أنّ الفرد المختار أصبح هو متعلّق الوجوب بل يبقى الجامع هو متعلّق الوجوب ، غايته أنّ الفرد المختار هو منطبق الجامع ومصداقه ، والذي ينبّه على ذلك أنّ المكلّف لو اختار فردا آخر للجامع غير الذي اختاره لكان الفرد الآخر هو منطبق الجامع ولتمّ امتثال الجامع بواسطته وهكذا الحال في سائر أفراد الجامع.
وبهذا يتّضح أنّ الإتيان بأحد أفراد الجامع لا يكون امتثالا للمأمور به ؛ وذلك لأنّ المأمور به هو طبيعي الفعل ـ والذي هو الجامع بنحو صرف