ومثال ذلك النار ، فإنها بذاتها مقتضية للإحراق.
الثاني : الشرط : وهو الذي ينقل المقتضي من مرحلة الشأنيّة إلى مرحلة الفعليّة ، فما لم يكن الشرط متحقّقا فإنّ المقتضي لا يمكن أن يؤثّر فعلا بمعنى أنّ المقتضي تبقى له شأنيّة التأثير إلى أن يتحقّق شرط التأثير ، فإذا ما تحقّق أثّر المقتضي أثره وهو إنتاج المعلول ، فالنار وإن كانت مقتضية للإحراق إلاّ أنّ ذلك لا يعني أكثر من قابليتها لأن تحرق ، أمّا فعليّة الإحراق فيتوقّف على تقريب جسم لها يقبل الاحتراق.
الثالث : عدم المانع : وهو عدم وجود ما يمنع من أن يؤثر المقتضي الفاعل أثره ، إذ أنّ المقتضي قد يكون موجودا وشرط فعليّته متحقّق إلاّ أنّ وجود ما يمنع من تأثير المقتضي لأثره يجعل وجود المعلول مستحيلا.
ومن هنا لا بدّ من إعدام ذلك المانع حتى ينتج المقتضي معلوله ، فالنار المقتضية للإحراق لو قرّب لها الجسم القابل للاحتراق فإنّ من المستحيل احتراقه لو افترض وجود رطوبة على الجسم ، فلابدّ من عدم الرطوبة لكي يتحقّق الاحتراق عن النار.
وباتّضاح هذه المقدّمة يتّضح أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة وإذا كان كذلك فترك أحّد الضدّين من أجزاء علّة الضدّ الآخر ، إذ أنّه يستحيل وجود الضدّ الآخر لو كان الضدّ الأوّل موجودا فالضدّ الأوّل إذن مانع عن وجود الضدّ الآخر فيثبت كون عدمه جزء علّة للضدّ الآخر.
وبهذا تثبت مقدميّته للضدّ الآخر فيكون واجبا بالوجوب الغيري ، وإذا وجب عدم الضدّ الأول فنقيضه وهو نفس الضدّ الأول حرام ؛ لأنّ وجوب الشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام.