إذا اتّضح ما ذكرناه فالبحث يقع عن أنّ ثبوت الحرمة للفعل العبادي هل يكون موجبا للبطلان؟
والجواب بالإيجاب ، أي أنّ الحرمة مقتضية لفساد العبادة ، ويمكن الاستدلال على ذلك بدليلين :
الدليل الأوّل : وهذا الدليل ـ لو تمّ ـ فإنّه لا يختص بالعبادات بل يشمل مطلق الأوامر حتى التوصليّة منها ، فكلّ حصّة من المأمور به إذا كانت محرّمة فهي مقتضية للبطلان أي لا يصحّ الاكتفاء والاجتزاء بها في مقام امتثال المأمور به.
وحاصل هذا الدليل : أنّ افتراض حرمة حصّة من طبيعي المأمور به يقتضي عدم كونها مشمولة للأمر الواقع على الطبيعة ؛ إذ أنّ افتراض شمول الأمر لهذه الحصّة ـ رغم تحريمها ـ يفضي للقول بجواز اجتماع الأمر والنهي ، وقد قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي على متعلّق واحد.
وبيان ذلك : إنّ الصلاة في الأرض المغصوبة لمّا كان محرّما فهذا يقتضي عدم مشموليّة هذه الحصّة للأمر بطبيعي الصلاة وإلاّ للزم أن تكون هذه الحصّة في الوقت التي تكون منهيّا عنها تكون مأمورا بها ، وهذا مستحيل لاستحالة اجتماع الأمر والنهي. فإذا ثبت عدم شمول الأمر لهذه الحصّة فلا تكون مجزية عن المأمور به ؛ إذ أنّ غير المأمور به لا يكون مجزيا عن المأمور به فيكون المكلّف مسؤولا عن إيجاد حصّة أخرى من الصلاة ؛ لأنّ ما جاء به ليس مأمورا به وما هو مأمور به لم يأت به.
ودعوى أنّ سقوط الأمر عن الحصّة لا يقتضي سقوط الملاك عنها فقد يكون الملاك موجودا ، وإذا كانت الحصّة متوفّرة على ملاك الأمر فهو