عن الأمر الأولي.
الحالة الثانية : أن يفترض عدم استيعاب العجز للوقت ، وهنا نقول :
إنّ المكلّف لو جاء بالطهارة الترابيّة ثم ارتفع عجزه وصار قادرا على الإتيان بالطهارة المائيّة فهل يكون ملزما بها؟ أو أنّ إتيانه بالطهارة الترابيّة قد أسقط وجوب الطهارة المائيّة « الحكم الأولي »؟
والجواب هو الإجزاء وسقوط الأمر الأولي ؛ وذلك لأنّ الإتيان بالطهارة الترابية كان مأمورا به ـ كما هو مقتضى الفرض ـ إذ قلنا بأن دليل الأمر الاضطراري شامل لحالتي استيعاب العجز وعدم استيعابه للوقت ، ولهذا كان الإتيان بالطهارة الترابيّة في هذه الحالة مشمولا لما هو المأمور به وهذا ما برّر الإجزاء وسقوط الأمر الأولي.
وهنا لا بدّ من التنبّه لأمر وهو أنّ الإتيان بالطهارة الترابيّة حال العجز ـ وقبل ارتفاعه ـ ليس متعينا على المكلّف بل له أن ينتظر إلى حين ارتفاع العجز ويأتي بعد ذلك بالطهارة المائيّة ، فالإتيان بالطهارة الترابيّة إذن واجب تخييري لا تعييني ، وطرفا التخيير هما الطهارة الترابيّة حين العجز أو الطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز في الوقت.
وهذا الوجوب التخييري استفدناه من الجمع بين دليل الأمر الاضطراري ودليل الأمر الأولي ، إذ أنّ مقتضى دليل الأمر الاضطراري هو كفاية الإتيان بالطهارة الترابيّة حين العجز ومقتضى إطلاق دليل الأمر الأولي هو لزوم الإتيان بالطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز فينتج عن ذلك أنّ المكلّف مخيّر بين الطهارة الترابيّة ـ ولكن في ظرف العجز ـ وبين الطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز.