يكون المورد غير مراد ويكون غيره هو المراد.
وأمّا الاحتمال الثاني والثالث فلا يمكن أن يكون أحدهما أو كلاهما مرادا بعينه بحيث لا يكون الاحتمال الأول مرادا معهما ؛ وذلك لأنّ الاحتمال الأوّل هو مورد الآية الكريمة بقرينة السياق ، كما أنّه لا قرينة على تعيّن أحد الاحتمالين الثاني والثالث أو تعينهما معا.
وأمّا الاحتمال الرابع ـ وهو أن يكون المراد من الاسم الموصول هو الجامع الشامل للمعاني الثلاثة ـ فهو المستظهر من الآية الكريمة ، ومبرّر هذا الاستظهار هو الإطلاق وقرينة الحكمة ؛ وذلك لأنّ الظاهر من الآية هو أنّها في مقام تأسيس كبرى كليّة مفادها أنّ الله جلّ وعلا لا يكلّف بتكليف إلاّ أن يكون ذلك التكليف قد هيّأ مبرّرات امتثاله ؛ إذ مع عدم وجود المال لا يتهيّأ للمكلّف الإنفاق ومع عدم القدرة لا يتهيأ للمكلّف الإتيان بالمأمور به ، ومع عدم وصول التكليف لا يكون هناك دافع للتحرّك نحو امتثاله.
فالآية الكريمة وان كان موردها النفقة إلاّ أنّ ذلك لا يعني عدم انعقاد الإطلاق لها ؛ وذلك لعدم صلاحيّة المورد للقرينيّة على الاختصاص ، إذ أنّنا لا نقول إنّ القدر المتيقّن في مقام التخاطب صالح لهدم الإطلاق أو عدم انعقاده.
فلو كان المولى مريدا لخصوص المال لكان عليه أن يبرز قرينة على ذلك ، فعدم ذكر القرينة على إرادة خصوص المال رغم أنّه في مقام البيان كاشف عن عدم إرادة المال بالخصوص ، وهذا ما ينتج الإطلاق ، وبهذا يثبت ـ وبمقتضى الإطلاق أنّ التكليف غير المعلوم لا يسأل الله المكلّف عنه وهذا هو معنى البراءة الشرعيّة.