تأكيد الفعل لا يعبّر إلاّ عن اشتداد الحدث ، والاشتداد لا يغاير الحدث وإنّما يكشف عن أنّ مرتبة الحدث كانت شديدة ، فالاشتداد والضعف في الحدث هما من سنخ الحدث وليسا شيئا عارضا على الحدث ، فالحدث إمّا أن يكون شديدا أو ضعيفا ، ويمكن توضيح ذلك بالمفاهيم المشكّكة ، فإنّ صدق النور على الشمس كصدقه على المصباح وإن كانا يتفاوتان شدّة وضعفا.
« فالضرب » في قولنا « ضرب زيد عمروا » هو عينه « الضرب » في قولنا « ضربه ضربا » ، غايته أنّ المفعول المطلق في المثال الثاني كشف عن أنّ مرتبة الضرب كانت شديدة.
ولو كان المفعول المطلق مبينا للنوع فهذا أيضا لا يعبّر عن التغاير بين الفعل ومفعوله المطلق ؛ وذلك لأنّ بيان النوع بيان لواقع الحدث ، إذ انّ صدق الحدث على أنواعه يكون بمستوى واحد ، فالحدث بمثابة الجنس والذي هو الحقيقة المشتركة الجامعة لتمام أنواعها ، ولا يتفاوت صدق الجنس على أنواعه ، فلا يكون النوع معنى مباينا لجنسه بل هو مسانخ له تمام التسانخ ، غايته أنّ لكلّ نوع ما يميّزه عن سائر الأنواع التي يشترك معها في الانضواء تحت الجنس.
والمفعول المطلق يبين أحد هذه الأنواع والتي تعبّر عن حالة من حالات الجنس « الحدث » ، فحينما يقال « جلست جلسة زيد » فإنّ المفعول المطلق « جلسة » هو عين الحدث « جلست » غايته أنّ المفعول المطلق قد أضفى على الحدث توضيحا ـ وهو بيان نوعه ـ وإلاّ فالحدث في واقعه لا بدّ أن يكون متنوعا بأحد أنواعه إذ لا يمكن أن يوجد الحدث إلاّ في إطار أحد أنواعه ، وعليه فيكون دور المفعول المطلق دور الكاشف عن