ولمزيد من التوضيح نقول :
حينما يقال « ورد النهي » فهنا وارد ومورود ، فلو سلّمنا أنّ الوارد بمعنى الوافد والواصل إلاّ أنّ ذلك وحده لا يثبت المطلوب ، والذي يثبت المطلوب هو كون المورد ـ أي الذي ورد ووصل ووفد عليه النهي ـ هو المكلّف ، إذ به يكون معنى الرواية « كلّ فعل لم يصل للمكلّف فيه نهي فهو مطلق ، أمّا لو كان المورود هو متعلّق النهي ـ أي المنهي عنه ـ فإنّ الرواية حينئذ لا تكون دالة على المطلوب ، إذ يكون معنى الرواية على هذا الاحتمال هو « كلّ فعل لم يصل له نهي ولم يفد عليه نهي فهو مطلق. فشرب الماء لم يفد ولم يصل له نهي ـ أي لم يجعل عليه نهي ـ فهو إذن مطلق.
وهناك ما يوجب استظهار تعيّن المعنى الثاني من الرواية ، وذلك بقرينة عود الضمير في الظرف « فيه » إلى الشيء ، وهذا ما يناسب كون المورود عليه هو المنهي عنه أي متعلّق النهي.
فحينما يقال وردت الحرمة في شرب الخمر فهذا يعني أنّ المورود عليه الحرمة والنهي هو شرب الخمر ، فالورود وإن كان بمعنى الوصول والوفود ولكنّ الواصل له والوافد عليه النهي هو المنهي عنه أي مادة النهي في قولنا « لا تشرب الخمر ».
فمادة النهي هنا هي شرب الخمر ، والمورود عنه النهي هو الشارع المقدّس ، والوارد هو النهي نفسه.
وخلاصة الكلام أنّ المورود عليه هو المنهي عنه أي مادة النهي والوارد هو النهي والمورود عنه أي الذي ورد عنه النهي هو الشارع المقدّس.