نعم لو أسند الحجب إلى الشارع أي إلى الله تعالى باعتباره المشرّع لكان لهذا الإيراد وجه.
الإيراد الثاني :
إنّ ظاهر الرواية هو أنّ الأحكام الموضوعة عن العباد هي الأحكام المحجوبة عن كلّ العباد بحيث لا يكون خفاء هذه الأحكام مختص بمكلّف دون آخر ، فموضوع الوضع ونفي المسؤوليّة هو مجموع العباد ، فلو اتّفق أنّ حكما من الأحكام لم يكن معلوما لكلّ أحد من خلق الله جلّ وعلا فإنّ هذا الحكم هو الموضوع عن العباد وهو الحكم الذي لا يسأل الله عباده عنه ، أمّا الأحكام التي تكون معلومة لبعض المكلّفين ومجهولة لآخرين فغير مشمولة لموضوع القضيّة وهي الحجب عن العباد ، أي لا دلالة للرواية على عدم المسؤوليّة عن مثل هذه الأحكام.
والجواب عن هذا الإيراد :
الظاهر من قوله عليهالسلام « ما حجب الله علمه عن العباد » هو ما حجبه عن كلّ عبد من العباد ، فكلّ عبد خفي عليه حكم يكون موضوعا لقوله فهو موضوع عنهم ، فالعموم المستفاد من الجمع المعرّف باللام عموم استغراقي ، أي لوحظ باعتباره عنوانا مشيرا إلى أفراده.
والعموم الاستغراقي يقتضي انحلال الحكم إلى أحكام بعدد أفراد الموضوع ، مثلا لو قال المولى « أكرم العلماء » فإنّ العلماء عموم استغراقي ، أي أنّ كلّ فرد من أفراد العلماء موضوع لوجوب الإكرام ، وعنوان العلماء إنّما جيء به لغرض الإشارة إلى أفراده ؛ ولهذا ينحلّ وجوب الإكرام إلى وجوبات بعدد أفراد العلماء فيكون لكلّ وجوب من هذه الوجوبات طاعة