افترض عدم انحلاله إلى علم تفصيلي ببعض الأطراف وشك بدوي في بقيّة الأطراف ، أمّا لو افترض انحلاله إلى ذلك فإنّه لا يكون حينئذ منجّزا ؛ وذلك لأنّ افتراض انحلاله يعني افتراض صيرورته علما تفصيليا منجّزا لمتعلّقه وشكا بدويّا مجرى لأصالة البراءة الشرعيّة ، فلو كنّا نعلم إجمالا بوجوب صلاة في ظهر يوم الجمعة إلاّ أنّه وقع الشك فيما هو الواجب هل هو صلاة الظهر أو هو صلاة الجمعة؟ فحينئذ يكون العلم الإجمالي مقتضيا لتنجّز كلا الطرفين إلاّ أن لو اتّفق أنّ علمنا بتعيّن الوجوب في صلاة الظهر فإنّ العلم الإجمالي عندئذ ينحلّ إلى علم تفصيلي بوجوب صلاة الظهر فلو كنّا نحتمل في مثل هذه الحالة بوجوب صلاة الجمعة أيضا لاحتمال وجوب صلاتين يوم الجمعة فإنّ هذا الاحتمال يكون شكا بدويّا ؛ وذلك لأنّ الطرف المقابل له أصبح معلوما تفصيلا ، ومن هنا يمكن جريان البراءة عن وجوب صلاة الجمعة.
والمقام من هذا القبيل فإنّه وإن كنّا نسلّم بوجود علم إجمالي بواقعيّة بعض التكاليف المشكوكة إلاّ أنّ هذا العلم الإجمالي منحلّ إلى علم تفصيلي ببعض الأطراف وشك بدوي في الأطراف الأخرى ؛ وذلك لأنّنا لو لاحظنا مقدار ما هو معلوم إجمالا وافترضناه مئة تكليف من مجموع التكاليف المشكوكة الألف ، ثمّ لاحظنا أنّ ما علمنا بثبوته بواسطة المراجعة للأدلّة لوجدنا أنّ ما علمنا بثبوته هو بمقدار المعلوم بالإجمال أو يزيد عنه وهذا يقتضي انحلال العلم الإجمالي ـ والذي أطرافه الألف ـ إلى علم تفصيلي بمقدار ما توصّلنا إلى ثبوته بواسطة الاستنباط وشك بدوي في بقيّة الأطراف ، ومن هنا يمكن إجراء البراءة عن هذه الأطراف ويبقى وجوب الامتثال خاصا بالموارد المعلومة بواسطة الرجوع إلى الأدلّة.