الشبهة » (١).
وهذه الرواية كالرواية الأولى ، إذ أنّها رتبت الأورعية على الوقوف عند الشبهة ، فلو كانت الأورعية واجبة للزم تحصيلها بواسطة الوقوف عند الشبهة إلاّ أنّ الكلام في وجوب الأورعيّة وما هو الدليل عليه.
ومنها : خبر حمزة بن طيار أنّه عرض على أبي عبد الله عليهالسلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له : كفّ واسكت ، ثمّ قال عليهالسلام :
« لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ عنه والتثبت والرد إلى أئمّة الهدى حتى يحملوكم فيه على الحقّ ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) » (٢).
وهذه الرواية وإن كانت تامّة الدلالة من حيث لزوم الكفّ والتثبّت عند عدم العلم وأنّه لا يسع المكلّف غير ذلك إلاّ أنّ دلالتها على لزوم الكفّ إنّما هو في حالة عدم مراجعة المعصوم عليهالسلام ، وأمّا بعد المراجعة وعدم العثور على ما يوجب رفع الجهل فإنّ الرواية ساكتة عن بيان حكم هذه الحالة ، وهذه الحالة الثانية هي التي يدعي القائلون بالبراءة جريان البراءة الشرعيّة فيها ، إذ أنّهم يشترطون في صحّة جريان البراءة الفحص عن الحكم الواقعي من الأدلّة ، ولا بدّ أن يكون الفحص تاما ومستقصيا لتمام الموارد
__________________
(١) الوسائل باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٣٨ ، وقد رواها الشيخ الصدوق في الخصال بسند متّصل إلى أبي شعيب ثمّ رفعها أبو شعيب إلى أبي عبد الله عليهالسلام.
(٢) الوسائل باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٣ ، وليس فيها إشكال إلاّ من جهة راوي الحديث ، وهو معتمد لورود روايات تدلّ على رضا الإمام الصادق عليهالسلام عنه ـ وفيها ما هو معتبر ـ فقد ورد في معتبرة هشام بن سالم أنّ الإمام عليهالسلام قال عنه بعد موته « رحمهالله ولقّاه نضرة وسرورا فقد كان شديد الخصومة عنّا أهل البيت ».