بوجوده ، وأمّا أنه معلوم بالإجمال فلأنّنا نجهل موضع استقراره ، فجهة الغموض في المعلوم بالإجمال هي مشخصاته الثابتة في نفس الأمر والواقع والمجهولة عند المكلّف.
ولأجل أن يتضح ما ذكرناه نطبقه على هذا المثال :
لو قطعنا بوقوع نجاسة في أحد الأواني الثلاثة ، فالجامع الصالح للانطباق على تمام هذه الأطراف الثلاثة هو عنوان « أحد الأواني الثلاثة » ، وهذا الجامع معلوم تفصيلا ؛ وذلك لأنّ العلم بالجامع يعني العلم بوجود الكلّي الطبيعي والذي يتحقّق بوجود أحد أفراده ، فإذا علمنا بوجود فرد للكلّي فهذا يعني العلم بوجود الكلّي ، وفرض الكلام أننا نعلم بوجود فرد للكلّي ، غايته أنّ الفرد غير متشخّص إلا أنّ ذلك لا يوجب غموضا من ناحية وجود الكلّي ، مثلا لو كنّا نعلم بوجود فرد من الإنسان فإنّ هذا يساوق العلم بوجود كلّي الإنسان ؛ ولذلك نستطيع أن نقول إننا عالمون بوجود الإنسان في الخارج ، غايته أننا نشك في هوية ذلك الفرد إلاّ أنّه غير الشك في الكلّي كما هو أوضح من أن يخفى.
وأمّا أطراف الجامع فهي الأواني الثلاثة التي نحتمل انطباق الجامع على كل واحد منها.
وأمّا المعلوم بالإجمال فهو الإناء الذي وقعت فيه النجاسة واقعا فهو متقرّر ومتشخص في نفس الأمر والواقع ، إذ أنّ الشيء ما لم يتشخص لا يوجد ، غايته أنّنا نجهل بمشخصاته ، وهذا ما سبّب اتّصافه بالإجمال ، فالإجمال من ناحيتها لا من ناحيته.
ومع اتّضاح المراد من العلم الإجمالي يقع الكلام عن أيّ الأصول