بين العلم والمعلوم ـ تكون الصورة الذهنيّة ـ الحاكية عن معلومها ـ في موارد العلم الإجمالي شخصية تبعا لشخصية متعلقها ومعلومها.
فمتعلّق العلم الإجمالي إذن هو الواقع المتشخّص في نفسه والمتميّز في واقعه ، فإذا كان العلم الإجمالي هو نجاسة أحد الإنائين فمتعلّق هذا العلم هو الإناء الذي وقعت فيه النجاسة واقعا ، فلو كان هو الإناء الأول فمتعلّق العلم هو الإناء الأول ، فهذا عين ما لو كنّا نعلم علما تفصيليا بوجود زيد فمتعلّق العلم هو وجود زيد ، غايته أنّه في موارد العلم الإجمالي تكون في الصورة الذهنيّة الحاكية عن متعلّقها ضبابيّة وهذه الضبابيّة هي التي جعلت من العلم إجماليّا بمعنى أنّ واقع متعلّق العلم ليس فيه تشويش بل هو متعيّن ، والعالم إجمالا يعرف ذلك إلا أنّ الصورة الذهنية في موارد العلم الإجمالي تكون حكايتها وكاشفيتها عن المعلوم المحدد واقعا مشوشة وليست صافية.
ويمكن تنظير ذلك بالمرآة المتكدرة ، فإنّ الصورة المنطبعة في المرآة ليست هي الجامع بحدّه الوسيع بل هي منطبق الجامع ، وهي الذات المتشخّصة في نفسها الواقفة أمام المرآة ، غايته أنّ المرآة لمّا كانت متكدّرة فإنّها لا تكشف عن تمام معالم الذات الواقفة أمام المرآة ، نعم المنكشف بواسطة المرآة هو رجل مثلا.
وباتّضاح معنى أنّ متعلّق العلم الإجمالي هو الواقع يتّضح منشأ دعوى أنّ المنجّز بالعلم الإجمالي هو الواقع ، إذ أنّ العلم إنّما ينجّز معلومه باعتبار كشفه عنه ولا منكشف في موارد العلم الإجمالي إلا ذلك الفرد المتعيّن في حدّ ذاته والذي هو الإناء الأول في مثالنا ، إذ هو الإناء الذي عرضته النجاسة واقعا ، فهو المنجّز بالعلم الإجمالي إذن ، إلا أنّه باعتبار عدم تشخص ذلك الواقع للمكلّف يحكم العقل بلزوم الإتيان بتمام أطراف العلم