ومن هنا لم يستشكل أحد في هذه الصورة بل جزموا بجريان البراءة عن المقدار الزائد عن الأقل ، فالواجب في المثال هو أداء الدين لزيد بمقدار الدرهم وأمّا التسعة فهي مجرى لأصالة البراءة الشرعية ؛ وذلك لأنّه من الشك في التكليف الزائد أو قل هو شك في تكاليف أخرى فتجري عنها البراءة بلا ريب.
الصورة الثانية : وهي محلّ البحث في المقام ، وهي ما لو كان التردد بين الأقل والأكثر في مركب واحد ، وهذا هو المعبّر عنه بدوران الأمر بين الأقل والأكثر الإرتباطيين ، إذ الأكثر لو كان واجبا فإنّ التكليف لا يسقط بالأقل.
وبتعبير آخر : إنّ التكليف إذا كان متعلّقه مركبا فإن له طاعة واحدة ومعصية واحدة فإن جاء بمتعلّق التكليف كاملا فهو مطيع وإلاّ فهو عاص ، وهذا هو مبرّر التعبير بالارتباطية.
ومثال ذلك ما لو علم المكلّف بجامع التكليف وهو وجوب الصلاة إلاّ أنّ الشك وقع في مقدار متعلّق التكليف وهل أنّ مقداره تسعة أجزاء أو أنّ مقداره عشرة أجزاء؟ هذا في المركبات العبادية.
وأمّا في المركبات المعاملاتية فمثاله علم المكلّف بصحة الزواج المنقطع إلاّ أنّه تردد من جهة تقومه بذكر الأجل أو عدم تقومه بذلك ، فهذا شك بين الأقل والأكثر الارتباطيين ؛ إذ أنّ الأمر يدور بين تقوّم هذا العقد بالإيجاب والقبول فحسب أو هما بإضافة ذكر الأجل ، والارتباطية نشأت من أنّ العقد مركب معاملاتي فإمّا أن يقع وإمّا ألا يقع.
ومع اتّضاح هذه الصورة نقول : إنّه قد وقع البحث والنزاع في أنّها من