ظنيا عن الحكم الشرعي ، وهذا بخلاف الأصل العملي فإنّه من الأحكام الشرعيّة المجعولة على المكلّف حين تحقق موضوعاتها ، فجعل البراءة في ظرف الشك مثل جعل الوجوب للصلاة عند الزوال ، فكما أنّ الوجوب للصلاة مجعول شرعي موضوعه الزوال فكذلك البراءة مجعول شرعي موضوعه الشك في الحكم الواقعي.
وهكذا الكلام في الاستصحاب ـ لو كان أصلا عمليّا ـ ، إذ أنّ الاستصحاب لا يعني أكثر من الوجوب والحرمة والإباحة وهكذا ، فلو كانت الحالة السابقة المتيقنة هي الوجوب فمعنى استصحاب الوجوب هو أنّ الشارع قد جعل الوجوب على المكلّف في ظرف الشك في استمرار الوجوب أو انتفائه وهكذا استصحاب الحرمة فإنّ معناه هو حكم الشارع بالحرمة في ظرف الشك في استمرارها.
وبهذا اتضح أنّ التعريف لا يتناسب إلاّ مع كون الاستصحاب أصلا عمليّا ، ومن هنا عدل السيد الخوئي رحمهالله عن هذا التعريف ؛ وذلك لأنّه لا يرى أنّ الاستصحاب من الأصول العمليّة بل هو من الأمارات التي شأنها الكشف عن الحكم الشرعي ، فلابدّ أن يكون التعريف معبّرا عمّا للاستصحاب من أماريّة وطريقيّة ؛ ولذا فالصحيح في تعريف الاستصحاب هو : « اليقين بالحدوث » ، إذ أنّ هذا التعريف هو المتناسب مع كون الاستصحاب أمارة ؛ وذلك لأنّ تعريف الاستصحاب باليقين بالحدوث تعريف له بمنشأ كاشفيته ، إذ أنّ اليقين بالحدوث هو الكاشف الظنّي النوعي عن بقاء ما كان ، فحينما نكون على يقين بوجوب صلاة الجمعة في زمن الحضور فإنّ هذا يكشف عن بقاء الوجوب في زمن الغيبة لو وقع الشك