حينذاك في بقاء الوجوب.
ومن هنا يتضح أن تعريف الاستصحاب لا بدّ وأن يختلف باختلاف المبنى فيما هو حقيقة الاستصحاب وهل أنّه أمارة أو أصل ؛ وذلك لعدم وجود تعريف جامع يتناسب مع كون الاستصحاب أمارة وأصلا عمليّا.
وقد أورد المصنّف رحمهالله على ما أفاده السيد الخوئي رحمهالله ثلاثة إيرادات :
الإيراد الأول :
أنّه لو كان البناء هو تعريف الاستصحاب بما يتناسب مع كونه أمارة لما صح أن يعرّف « باليقين بالحدوث » ؛ وذلك لأنّ منشأ أمارية الاستصحاب ليس هو اليقين بالحدوث بل هو نفس الحدوث ؛ إذ أنّ طبع كل حادث أنّه يبقى ، فطبيعة الحادث بنفسها تكشف عن البقاء والاستمرار ، فحينما يتحقق الوجوب فإنّ تحققه وتقرّره يقتضي بقاءه وكذلك حينما يكون الشيء نجسا فإن ذلك يقتضي بقاء نجاسته.
وهذا الاقتضاء يكشف كشفا ظنيا عن البقاء ، فليس لليقين دور في أمارية الحدوث على البقاء ، نعم اليقين له دور الكاشفية عن تحقّق الأمارة ، فاليقين بالحدوث يكشف عن تحقق الحدوث والحدوث أمارة على البقاء ، وهذا مثل خبر الثقة في الأحكام والبينة في الموضوعات ، فإنّه حينما نعلم بالوجدان قيام البينة على وقوع شيء فإنّ العلم الوجداني لا يكون هو المبرّر لكاشفية البينة عن وقوع ذلك الشيء وإنما يكون دور العلم الوجداني هو الكشف عن قيام البينة ويكون دور البينة هو الكشف الظني عن وقوع ذلك الشيء الذي دلّت البينة على وقوعه ، فالبينة بنفسها أمارة وكاشفة عن مؤدّاها حتى لو لم يكن علم وجداني بتحققها ، وهكذا الكلام في اليقين