وبتعبير أوضح : إنّ قاعدة اليقين هي عبارة عن تحوّل اليقين بشيء إلى الشك فيه بحيث يتضح للمتيقّن أنّه كان مخطئا في يقينه وأنّه لم يكن ثمة موجب لليقين فتستقر نفسه على الشك وتستقرّ على أنّ يقينه كان محض وهم ، وهذا بخلاف الاستصحاب فإنّ اليقين في مورده يظلّ ثابتا في النفس ، غايته أنّ الشك يكون في بقائه.
والمتحصّل أنّ اليقين والشك ـ في قاعدة اليقين ـ يتواردان على متعلّق واحد أما قاعدة الاستصحاب فمتعلق اليقين فيه غير متعلّق الشك ؛ إذ أنّ متعلّق اليقين هو الحدوث ومتعلّق الشك هو بقاء الحادث.
مثلا : لو كنت على يقين بعدالة زيد في السنة الماضية ثم شككت في عدالته ، فتارة يكون الشك في عدالته من حيث وجودها واقعا في السنة الماضية بمعنى أنني أشك بأنّ عدالته لم تكن وأن يقيني لم يكن في محلّه ، فهذا هو الشك الساري وهو قوام قاعدة اليقين.
وتلاحظون أنّ متعلّق الشك ومتعلّق اليقين ـ في قاعدة اليقين ـ واحد وهو عدالة زيد ، فعدالة زيد هي المتيقنة وهي المشكوكة كما أنّ زمن اليقين بالعدالة هو زمن الشك في العدالة وهي السنة الماضية في المثال ، غايته أن حالة الشك تأخرت عن حالة اليقين إلاّ أنّهما قد تبادلا على موضوع واحد في زمن واحد.
أما لو كان الشك في عدالة زيد شكا في استمرار العدالة ـ والتي لا زال اليقين بحدوثها على حاله ـ فهذا هو موضوع الاستصحاب.
وتلاحظون أنّ الشك في مورد الاستصحاب لا يطرد اليقين ولا يعدمه ؛ إذ أنّ متعلّق أحدهما غير متعلّق الآخر ، فمتعلّق اليقين هو وجود