المقتضي ـ والذي هو الركن الأساسي في عليّة العلة ـ مع عدم إحراز انتفاء المانع والذي هو الجزء الآخر لعليّة العلّة.
وتوضيح ذلك :
إنّه تارة نحرز تحقق المقتضي للمعلول ونحرز عدم وجود ما يمنع عن تأثير المقتضي أثره فهنا لا ريب في تحقق المعلول ؛ وذلك لتمامية علته.
ومثال ذلك أن نحرز وجود النار المقتضية لإحراق الخشب ونحرز عدم وجود ما يمنع النار عن إحراق الخشب ، وهنا لا ريب في تحقّق المعلول وهو احتراق الخشب.
وفي حالة أخرى نحرز وجود المقتضي إلاّ أنّنا نشك في انتفاء المانع فلعلّه منتف ولعلّه موجود ، وهنا يكون مجرى قاعدة المقتضي والمانع ، ومفادها هو البناء على عدم المانع وبالتالي يكون المقتضي أثّر أثره وأوجد معلوله ـ والذي يعبّر عنه بالمقتضى بصيغة المفعول ـ.
ومثاله أن نحرز وجود النار في الخشب إلا أنّنا لا نعلم بما إذا كان هناك مانع من تأثير النار أثرها وهو إحراق الخشب ، فهنا نبني ـ بمقتضي هذه القاعدة ـ على عدم وجود المانع وأن المقتضي وهو النار قد أحرقت الخشب.
وتلاحظون أنّ هذه القاعدة تتفق مع قاعدة الاستصحاب من جهة أنها متقومة بالشك واليقين إلاّ أنها تختلف عن الاستصحاب من جهة أنّ مورد الشك فيها مباين ذاتا لمورد اليقين ، فمتعلّق اليقين فيها هو وجود المقتضي ومتعلّق الشك هو وجود المانع ، أما قاعدة الاستصحاب فالمتيقن هو المشكوك ، غايته أنّ حيثية الشك تختلف عن حيثية اليقين ، فمتعلّق