أما الصغرى : فلا نسلّم أنّ الحدوث بنفسه موجب للظن النوعي بالبقاء ، نعم قد ينشأ الظن بالبقاء عند إحراز وجود الحادث إلاّ أنّه لا لاقتضاء الحادث نفسه للظن في البقاء ، إذ أننا وبالوجدان نجد أنّ إحراز وجود الحادث لا يقتضي في حالات كثيرة البقاء مما يعبّر عن أنّ هناك منشأ آخر للظن بالبقاء وليكن هو طبيعة الحادث المقتضية للبقاء إلى حين زمان الشك ، كما لو علمنا بتولّد إنسان صحيح البدن وشككنا بعد سنة في بقائه ، فإنّه لو رجعنا إلى أنفسنا لوجدناها ترجّح جانب البقاء إلا أنّ هذا الترجيح ـ والذي هو الظن بالبقاء ـ لم ينشأ عن العلم بتولّد هذا الإنسان وإنّما نشأ عن معرفة طبيعة هذا الحادث وأنّه حينما يحدث يبقى لأكثر من سنة ؛ ولذلك لو علمنا ـ مثلا ـ أنّ خطيبا قد بدأ خطبته ثم وقع الشك بعد ساعتين في استمراره في خطابه فإنّه لا يحصل الظن بالاستمرار وما ذلك إلاّ لعدم اقتضاء هذا النحو من الحادث للبقاء إلى هذه الفترة الزمنيّة.
وأما المؤيد : فهو لا يصلح للتأييد ؛ وذلك لاحتمال أن يكون منشأ التباني هو الجريان على مقتضى الألفة والعادة كما هو الحال في الحيوانات أو يكون المنشأ ـ ولو في بعض الحالات ـ هو رجاء البقاء ، أو أنّ المنشأ هو قوة المحتمل ، مثلا قد يتحرك العطشان نحو المحل الذي كان يقطع بوجود الماء فيه لا لأنه يظن ببقاء الماء بل لشدة اهتمامه بالمطلوب ، فلعلّ احتمال بقاء الماء في ذلك المحل ضئيل جدا ومع ذلك يتحرّك نحوه لعله يجده ، وما هذا إلا لقوة المحتمل والذي هو المطلوب.
وأمّا الكبرى : فلأنّ الظن ليس حجة بذاته ، فلابدّ لإثبات الحجيّة له من قيام دليل قطعي على الحجيّة ولمّا لم يكن دليل على حجيّة هذا الظن