إنّ المتيقن في مورد الرواية هو الوضوء ، ومن الواضح أن الوضوء ليس له بقاء فهو يحدث وينتهي حين حدوثه ، فبمسح القدمين يتحقق الوضوء وينتهي ، فلا بقاء للوضوء حتى يفترض الشك فيه ، نعم إذا حدث الوضوء فإنّ له أثر وهو الطهارة ، فنحن حينما حدث الوضوء لا نشك في بقائه لأنّه لا ريب في عدم بقائه وإنّما نشك في تأثيره لأثره ، ومنشأ الشك هو عدم إحراز انتفاء المانع أي الشك في وجود المانع ـ وهو النوم ـ وهذا الشك يستوجب الشك في تأثير المقتضي المعلوم لأثره.
والجواب عن هذه الدعوى أنّه لمّا كانت مبتنية على توهم أنّ الوضوء ليس له بقاء فبانتفاء ذلك تسقط الدعوى ، وبأدنى تأمل في الاستعمالات الشرعية لعنوان الوضوء يتضح أنّ الشارع قد اعتبر الوضوء حالة استمرارية يكون المكلّف متصفا بها متى ما جاء بأفعال الوضوء ولا يرتفع هذا الاتصاف عنه حتى ينتقض هذا الوضوء بأحد النواقض المعروفة.
ويمكن الاستشهاد على ذلك بمعتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سمعته يقول : من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم تقضى فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (١) ، فهذه الرواية واضحة الدلالة على اعتبار الوضوء حالة استمرارية ، كما أنّ التعبير في روايات كثيرة بنقض الوضوء يعبّر أيضا عن أنّ الوضوء وصف له الاستمرار ما لم يمنع عن استمراره مانع ، ومن تلك الروايات معتبرة زرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال « لا ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك أو النوم » (٢).
__________________
(١) الوسائل باب ٦ من أبواب الوضوء ح ١.
(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب نواقض الوضوء ح ١.