الدليل ـ نذكر هذا المثال.
عندما يقال : « إنّ المخدّر خمر » فإن العرف يفهم أنّ هنا تنزيلا للمخدّر منزلة الخمر وذلك لاطلاعه على أنّ طبيعة المخدّر التكوينية تختلف عن طبيعة الخمر ، إلا أنّه لا يفهم لهذا التنزيل معنى محصّل حتى يعرف المنزّل الذي نزّل مادة المخدّر منزلة الخمر فإذا ما عرف المنزّل عرفت جهة التنزيل ، فلو كان طبيبا عرفنا أن جهة التنزيل هي الآثار التكوينية وأنّه أراد من هذا التنزيل اعتبار المضاعفات المترتبة على تناول المخدّر هي عينها المترتبة عن شرب الخمر ، ولو كان المنزّل هو المقنّن ومن له السلطنة على الناس لكانت جهة التنزيل هي العقوبة ، فكما أنّ عقوبة شارب الخمر هي السجن مثلا فكذلك عقوبة المتعاطي للمخدّر ، وإذا كان المنزّل هو شارب الخمر يفهم العرف أنّ جهة التنزيل هي الانعكاسات النفسية المترتبة على شرب الخمر فكأنه قال : إنّ الانعكاسات النفسية المترتبة على تناول المخدّر هي عينها المترتبة على شرب الخمر.
أمّا لو كان المنزّل هو الشارع المقدس فحينئذ ينفهم من هذا التنزيل أن جهته هي الآثار الشرعية ، فكما أنّ الخمر حرام فكذلك المخدّر.
ومن هنا يتضح ما نروم إثباته وهو أن تنزيل المشكوك منزلة المتيقن يعني أن جهة التنزيل إنّما هي الآثار الشرعيّة المترتبة على بقاء المتيقن نفسه وأمّا آثاره التكوينية فلا يطالها ذلك التنزيل ، إذ أنها ليست متصلة بالشارع بما هو شارع ، فيكون التعبّد ببقاء المستصحب إنّما هو تعبّد ببقاء آثاره الشرعية.
فعليه لو كان للمستصحب أثر تكويني وهذا الأثر التكويني موضوع