في أنّ وجودهما كالعدم من جهة الحجيّة.
مثلا لو كان مفاد الدليل الأول هو صحة بيع الغرر وكان مؤدى الدليل الثاني هو فساد بيع الغرر فهنا لا يكون للدليلين المتعارضين مدلول التزامي يتفقان على نفيه ، فهو وإن كان للدليل الأول مدلول التزامي إلاّ أنّه مناف للمدلول الالتزامي للدليل الآخر.
فالمدلول الالتزامي لفساد بيع الغرر هو حرمة التصرّف في الثمن المنتقل عن بيع الغرر وهذا بخلاف المدلول الالتزامي لصحة بيع الغرر ، ومن هنا قلنا إنّ هذا النحو من الأدلّة المتعارضة يكون وجودها كالعدم من جهة الحجيّة.
النحو الثاني : أن يكون للدليلين المتعارضين مدلول التزامي يتفقان عليه.
ويمكن التمثيل لذلك بما لو كان مؤدى الدليل هو وجوب صلاة الجمعة ومؤدى الدليل الآخر هو حرمة صلاة الجمعة فإنهما وإن كانا بحسب المدلول المطابقي متنافيين إلاّ أنّهما يشتركان في نفي الاستحباب مثلا عن صلاة الجمعة إذ أن لازم الحرمة هو عدم الاستحباب كما أنّ لازم الوجوب هو عدم الاستحباب لأن الأحكام متنافية فيما بينها فيستحيل اجتماع حكمين متغايرين على متعلّق واحد ، وهذا هو منشأ المدلول الالتزامي ، فكل دليل يثبت حكما لموضوع فإنّه ينفي الأحكام الأخرى عن ذلك الموضوع.
وهذا النحو من الأدلّة المتعارضة هو محل البحث ، إذ يقع الكلام في أنّ سقوط الحجيّة عن الدليلين المتعارضين هل هو خاص بمدلوليهما المطابقي حيث إنّهما مركز التنافي أو أنّ السقوط عن الحجيّة يشمل المدلول الالتزامي