الواجب التي يتوقّف عقلا تحقّق الواجب عليها ، أي أنّها القيود التي لولاها لما أمكن تكوينا تحقّق الواجب وذلك مثل السفر للحج بالنسبة للآفاقي ، فإنّ الآفاقي لا يمكنه تكوينا أداء فريضة الحجّ ما لم يسافر إلى مكّة المكرّمة.
ومن هنا لو ثبت وجوب الحج في حقّ مكلّف فإنّه يكون مسؤولا عقلا عن تحصيل السفر ؛ وذلك لأنّه مطالب بامتثال الوجوب وهذا غير ممكن ما لم يسافر ، نعم لا يكون المكلّف مسؤولا عن السفر ما لم تثبت فعليّة الوجوب للحج لعين ما ذكرناه في المقدّمات الشرعيّة ، حيث قلنا إنّ وجوب المقدّمة مترشّح عن وجوب ذي المقدّمة ، فافتراض عدم فعليّة وجوب ذي المقدّمة يساوق عدم وجوب المقدّمة المترشّحة عنها ، أمّا في حالة وجوب ذي المقدّمة فحيث إنّ امتثال الوجوب متوقّف تكوينا على تحصيل المقدّمة فالعقل يحكم بلزوم تحصيل المقدّمة.
نعم لو كانت المقدّمة العقليّة من قبيل مقدّمات الوجوب ـ أي من قيود الحكم ـ فلا يكون المكلّف مطالبا بإيجادها بعد أن لم يكن هناك موجب لتحصيلها ؛ إذ أنّ الوجوب إنّما هو متأخر عنها.
ويمكن التمثيل لمقدمات الوجوب العقليّة بالعلم بوقوع المنكر ، فهو مقدّمة لوجوب النهي عن المنكر ، إذ من الواضح أنّ وجوب النهي عن المنكر متوقف عقلا على العلم بوقوع المنكر فمع عدم العلم بوقوع المنكر لا يكون هناك فعليّة لوجوب النهي عن المنكر ، ومن هنا لا يجب تحصيل مقدّمة الوجوب وهي العلم بوقوع المنكر ؛ وذلك لتأخّر فعليّة الوجوب عنها وكونها العلّة لتحقّق الفعليّة.