بحرمته أي العلم بحكم الخمر ، وبهذا يكون العلم بالحرمة المأخوذ في موضوع القضيّة قيدا من قيود الحكم « الحرمة » ومن هنا ادّعي استحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع نفس ذلك الحكم ؛ وذلك لاستلزامه الدور المحال ، إذ أنّ الحكم في هذه القضيّة قد توقف على نفسه.
وبيان ذلك :
إننا قد ذكرنا فيما سبق أنّ فعليّة الحكم « المجعول » منوطة بتحقّق قيوده خارجا ، فقيود الحكم تقع في رتبة العلّة لفعليّة الحكم ، وإذا كان كذلك فلابدّ من تقدمها على الحكم ويكون الحكم متأخرا عنها تأخر المعلول عن علّته.
فإذا افترضنا أن العلم بالحكم هو من قيود الحكم فهذا يقتضي توقّف الحكم على تحقّق العلم بالحكم خارجا كما هو الحال في سائر قيود الحكم.
ومن الواضح أنّ العلم بالحكم مستحيل ما لم يكن الحكم ثابتا في مرتبة سابقة ؛ وذلك لأنّ العلم كاشف فهو متفرع عن وجود المنكشف « الحكم » ، فالعلم بالحكم في الوقت الذي يكون فيه قيدا وعلة لثبوت الحكم يكون معلولا لثبوت الحكم.
إذن فالحكم علّة العلم بالحكم ـ إذ لولاه لتعذّر العلم ـ والعلم بالحكم علّة لتحقّق الحكم ، وبهذا يكون الحكم علّة لثبوت نفسه ومعلولا لنفسه.
أمّا أنّه علّة لثبوت نفسه فلأنه علّة للعلم الذي هو علة لثبوت الحكم ، وأمّا أنه معلول لنفسه فلأنّه معلول للعلم بالحكم ، وإذا كان معلولا للعلم بالحكم فهو معلول للحكم ، إذ أنّ العلم بالحكم « الكاشف » معلول للحكم « المنكشف ».