وكتب هارون إلى الفضل بن الربيع ليسلمه إلى الفضل بن يحيى البرمكي ، فتسلمه منه وأراد هارون ذلك منه فلم يفعله ، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة وهو حينئذ بالرقة ، فكتب إليه ينكر ذلك عليه ويأمره بقتله ، فتوقف عن ذلك ولم يقدم عليه ، فاغتاظ هارون من ذلك ، ودعا مسروراً الخادم أن يخرج على البريد من وقته إلى بغداد ، ويحمل كتابين إلى العباس بن محمد والسندي بن شاهك ، وحين وصول الكتابين جلد ابن شاهك الفضل بن يحيى مائة سوط ، وحبس الإمام عنده.
روى الشيخ الخصيبي بالاسناد عن علي بن أحمد البزاز ، قال : « أمر هارون السندي بن شاهك أن يبني لموسى عليهالسلام محبساً في داره ويقيده بثلاثة قيود من ثلاثة أرطال حديد ، ويغلق الباب في وجهه إلاّ وقت الطعام ووضوء الصلاة » (١).
وجلس هارون في مجلس حافل ، فأمر الناس بلعن الفضل بن يحيى فلعنوه ، ثم ان يحيى بن خالد قال لهارون : ان الفضل حدث وأنا أكفيك ما تريد ، ثم دعا يحيى بن خالد السندي فأمره فيه بأمره فامتثله ، فقتل الإمام على يد السندي بسمّ جعله في طعام ، وقيل : في رطب قدمه إليه ، ولبث ثلاثاً بعده موعوكاً ، ثم مات في اليوم الثالث.
فلما استشهد الإمام عليهالسلام أدخل السندي الفقهاء ووجوه أهل بغداد عليه ، فنظروا إليه لا أثر به وشهدوا على ذلك ، وإنما فعل السندي ذلك لإخفاء جريمة قتل الإمام عليهالسلام بالسمّ ، وأخرج الجثمان المطهر فوضع على الجسر ببغداد ، ونودي : هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا
__________________
(١) الهداية الكبرى / الخصيبي : ٢٦٥.