ما يستعصي من المسائل ، ووجّهت إليه أدقّ الأسئلة فأجاب عنها ولما يزل غلاماً يافعاً.
وأذكر في هذا المجال خبراً مفاده أنّ الباقر عليهالسلام يوم كان صبياً يلازم أباه في مسجد جدّه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، سأل رجل عبد اللّه بن عمر المتوفّى ٧٣ هـ عن مسألة فلم يدرِ بما يجيبه ، فقال : اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك ، وأشار به إلى محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، فأتاه الرجل فسأله فأجابه ، فرجع إلى ابن عمر فأخبره ، فقال ابن عمر : إنّهم أهل بيت مُفَهَّمُونَ (١).
وأجاب عليهالسلام عن أسئلة دقيقة توجّه بها إليه طاوس اليماني (٢) في الحرم ، وهو شاب حدث ، رواها أبان بن تغلب ، قال : «دخل طاوس اليماني إلى الطواف ومعه صاحب له ، فإذا هو بأبي جعفر عليهالسلام يطوف أمامه وهو شاب حدث ، فقال طاوس لصاحبه : إنّ هذا الفتى لعالم. فلما فرغ من طوافه صلّى ركعتين ، ثم جلس وأتاه الناس ، فقال طاوس لصاحبه : نذهب إلى أبي جعفر ونسأله عن مسألة لا أدري عنده فيها شيء أم لا ، فأتياه فسلّما عليه ، ثم قال له طاوس : يا أبا جعفر ، هل تدري أيّ يوم مات ثلث الناس؟ فقال : يا أبا عبد الرحمن ، لم يمت ثلث الناس قط ، إنّما أردت أن تقول : متى هلك ربع الناس؟ قال : وكيف ذلك؟ قال : وذلك يوم قتل قابيل هابيل ، كانوا أربعة : آدم وحواء وهابيل وقابيل ، فقتل قابيل هابيل ، فذلك ربع الناس. قال :
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٩ ، الإيضاح / النيسابوري : ٤٥٨ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٢٨٩ ، الإمام جعفر الصادق / عبد الحليم الجندي : ١٤١.
(٢) طاوس بن كيسان اليماني ، من سادات التابعين ، وعبّاد أهل اليمن ، توفّي سنة ١٠٦ هـ.