وفي حدود ما اتّصل بحياة الإمام الباقر عليهالسلام ونشاطه العلمي المبدع على جميع الاتجاهات نجد أبيه الإمام السجّاد عليهالسلام قد مهّد لولده الإمام الباقر عليهالسلام الدور الذي سيضطلع به ، حيث استطاع إمامنا زين العابدين عليهالسلام رغم سوء الظروف التي اكتنفت عصره أن يضع إصبعه على مواطن الانحراف ، وأن يجمع صفوف المؤمنين من أصحابه ، ويركّز على تربيتهم روحياً وعلمياً ، ليعيد الثقة إلى نفوسهم ، وكان أولئك الرجال من أهم أدوات مدرسة أهل البيت عليهمالسلام.
وبعد وفاة الإمام السجاد عليهالسلام بزغ نجم الباقر عليهالسلام في سماء المدينة ، فحاول أن ينأى بنفسه عن دوائر الصراع السياسي خلال فترة إمامته ، كي يمهّد السبيل لأداء مهمته الرسالية المتمثلة بالتأسيس العلمي لفقه أهل البيت عليهمالسلام ، وإقامة ركائز مدرستهم عليهمالسلام ، فأتيح له أن يبلور اتجاه أهل البيت عليهمالسلام إلى العلم والتعليم.
ورغم الإرهاب الفكري والسياسي الذي أشاعه الحكم الأموي المنحرف حينذاك ، كرس الإمام الباقر عليهالسلام خلال إمامته كل جهوده لاستقطاب المسلمين حول تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة ، وإرساء ركائز البناء العلمي والتربوي على قواعد الإسلام المتينة ومصادره وأصوله الرصينة ، في وقت بدأ الحكام بترويج فقه وعاظ السلاطين المداهنين للسلطة الظالمة ، واستطاع الإمام الباقر عليهالسلام إغناء الواقع الإسلامي بما فتح عليه من آفاق العلم والمعرفة ، وما حققه من انجازات علمية رائعة ، وبالتالي أسهم في حفظ الشريعة المقدسة من خطر الزوال والتحريف.
ولم يقتصر التدريس في مدرسة أهل البيت على أصول الاعتقاد والفقه