المستوى السلوكي والفكري ، وركز في توصياته على بيان مفهوم التشيع الأصيل ، وتأطير خواص ومميزات المنتمين إليه ، فليس جميع الشيعة بمستوى واحد من الخلال التي تؤهلهم لما يريده الإمام عليهالسلام ، بل فيهم الانتهازي الذي يتحين الفرص ، وفيهم من يتهشم كالزجاج في وقت الفتنة والابتلاء ، وفيهم من هو كالذهب الخالص كلما فتنته إزداد جودة ، قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «شيعتنا ثلاثة أصناف : صنف يأكلون الناس بنا ، وصنف كالزجاج تهشم ، وصنف كالذهب الأحمر كلما أدخل النار ازداد جودة» (١).
وأولئك الذين وصفهم الإمام عليهالسلام بالذهب الأحمر ، هم الذين توافرت فيهم عِدّة خصال حددها الإمام عليهالسلام في جملة أحاديث :
أولاً : إخلاص الولاء والمحبة لأهل البيت عليهمالسلام وإحياء أمرهم ، باعتبارهم الصفوة والقيادة الرسالية ، قال عليهالسلام : «إنما شيعة علي عليهالسلام المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، المتزاورون لاحياء أمرنا ، الذين إذا غضبوا لم يظلموا ، وإذا رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا» (٢).
ثانياً : لا يكفي الشيعي أن ينتحل محبة أهل البيت عليهمالسلام ويدين بولايتهم وحسب ، بل لا بد أن يتمسك بتقوى اللّه ويعمل بطاعته ، فمن كان للّه مطيعا فهو لهم عليهمالسلام ولي ، ومن كان للّه عاصيا فهو لهم عدو ، ولا بد أن يعمل بعملهم ويستن بسنتهم ، فلا تنال ولايتهم إلاّ بالورع والعمل والاجتهاد ، ولابد للشيعي أن يتحلّى بمكارم الأخلاق ويجعلها سلوكاً وعملاً يسير على الأرض ، وعلى رأس تلك الفضائل التواضع والتخشع وصدق الحديث والأمانة وكثرة الذكر وتلاوة
__________________
(١) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩١ ، كشف الغمة ٢ : ٣٤٤ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٣.
(٢) تحف العقول : ٣٠٠.