وقد وصل الينا مدوّناً في موسوعات الفقه والحديث ، التي اعتمدت الأصول الأربعمائة المروية عن الإمام الباقر وولده الصادق عليهماالسلام ، كما نسبت إليه عدّة كتب ورسائل ومسائل في أبواب الفقه المختلفة ذكرناها آنفاً.
من هنا كان الإمام الباقر عليهالسلام معدوداً في كتب الرجال السنية من صفوة التابعين ، ومن رؤوس المحدثين المكثرين الصادقين فيما يروون (١).
وأخرج أصحاب المسانيد والسنن التسعة نحو تسعة وثلاثين حديثاً عن الإمام الباقر عليهالسلام ، وهو بلا ريب ظلم بحق باقر العلم عليهالسلام فرضته مواقف السياسة وقت تدوين تلك المسانيد والسنن.
ولعل ذلك دفع الذهبي إلى القول في ترجمة الإمام الباقر عليهالسلام : وليس هو بالمكثر ، هو في الرواية كأبيه وابنه جعفر ، ثلاثتهم لا يبلغ حديث كل واحد منهم جزءاً ضخماً ، ولكن لهم مسائل وفتاو (٢).
والحق كان الإمام عليهالسلام كثير الحديث كما وصفه ابن سعد (٣) ، ولو اطلع الذهبي على تراث الإمام الباقر عليهالسلام في غير المسانيد لوجد الكثير ، سيما في مصادر التفسير والسيرة والتاريخ وشتى فروع المعرفة.
من جانب آخر أن أصحاب المسانيد تجافوا حديثه وحديث أبيه وولده الصادق عليهمالسلام وكل من ينتمي إلى شجرة النبوة ، تزلفاً أو خوفاً من الحكام الذين شددوا من ممارساتهم التعسفية القائمة على الإرهاب الفكري والتعتيم وكم
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٥ : ٣٤٦ ، تاريخ الثقات / العجلي بترتيب الحافظ نور الدين الهيثمي : ٤١٠ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٩ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٣٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠١.
(٣) الطبقات الكبرى ٥ : ٣٤٦.