الأفواه ، وفرضوا حظراً على أهل هذا البيت حسداً لمكانتهم السامية.
وكمثال على ما نقول أنهم أعرضوا عن الحديث الذي رواه جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليهالسلام وتركوه ، لا لشيء إلاّ لأنّه يقول : حدثني وصي الأوصياء ، يريد بذلك الإمام الباقر عليهالسلام ، مع أن الذهبي يصف جابراً بأنه أحد أوعية العلم (١).
جاء في مقدمة صحيح مسلم عن الجراح بن مليح ، قال : سمعت جابرا يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر الباقر عن النبي صلىاللهعليهوآله ، تركوها كلّها (٢). فاذا كان هذا الكم الهائل من الحديث ، هو لراوٍ واحد من أصحاب الإمام عليهالسلام ، فكيف حال مجموع الرواة ، بل وكيف يمكن الإحاطة بعلم الإمام عليهالسلام ، فضلاً عن التجرؤ عليه وهو باقر العلم ، ووضعه مع أبيه وولده عليهمالسلام في خانة قليلي العلم؟ وأي ذنبٍ لباقر العلم عليهالسلام حتى يسقط حديثه؟! إن الجواب نلتمسه منه عليهالسلام حيث يقول : «بلية الناس علينا عظيمة ، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا» (٣).
ولو استثنينا جابر الجعفي ، فإن الوارد عن بعض أصحابه الثقات أنهم سمعوا منه كماً هائلاً من الحديث ، فهذا محمد بن مسلم يقول : «ما شجر في رأيي شيء إلاّ سألت عنه أبا جعفر عليهالسلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث ، وسألت أبا عبد اللّه الصادق عن ستة عشر ألف حديث» (٤).
__________________
(١) تاريخ الإسلام / الذهبي وفيات سنة ١٢١ ـ ١٤٠ هـ : ٥٩.
(٢) صحيح مسلم ـ المقدمة : ٢٥ ، ميزان الاعتدال ١ : ٣٨٣.
(٣) الارشاد ٢ : ١٦٧ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٦ ، الاحتجاج : ٢ : ٦٨.
(٤) رجال الكشي ١ : ٣٨٦ / ٢٧٦ ، الاختصاص : ٢٠١.