الخامس : كل ما أزال العقل (١) مثل الإغماء والسكر والجنون دون مثل البهت.
______________________________________________________
يوم الجمعة بعد ما ازدحم الناس إلى الصلاة وقامت الصفوف إن كان خرج من المسجد وخرق الصفوف من دون أن يصرح بعذرة فلا شبهة في أنه على خلاف التقية المأمور بها ، فإنّه إعراض عن الواجب المتعيّن في حقه من غير عذر وهو يستتبع الحكم بفسقه على الأقل. وإن كان قد خرج مصرحاً بعذرة أيضاً ارتكب خلاف التقية ، لأن النوم اليسير أو النوم جالساً ولو كان غير يسير ليس من النواقض عند كثير منهم كما عرفت ، فكيف يمكن أن يعلل الخروج بالنوم اليسير أو بالنوم جالساً ومن هنا ورد في الرواية « أنه في حال ضرورة » وعليه فلا مناص من الحكم بصحة صلاته لأنها مع الطهارة على عقيدتهم ، وإن كان الأمر على خلاف ذلك عندنا لانتقاض وضوئه بالنوم ، وهي نظير ما إذا توضأ على طريقتهم بأن مسح على الخف أو غسل منكوساً تقيّة ، لأنه متطهر حينئذ على عقيدتهم ولأجله يحكم بصحّة صلاته للعمومات الدالّة على أن التقيّة في كل شيء كما يأتي تفصيله في محلِّه (١) إن شاء الله.
فالمتحصل : أن الرجل إذا نام في المسجد يوم الجمعة وهو جالس لم يحكم بوجوب الوضوء في حقه فيما اقتضت التقية ذلك ، بل لا بدّ من الحكم بصحّة صلاته ، فالعمل بالرواية على طبق القاعدة. اللهمّ إلاّ أن يقوم إجماع تعبّدي على بطلان وضوئه أو صلاته في مفروضها ، إذ معه لا بدّ من الحكم بالبطلان لأنه دليل شرعي يخصص به عمومات التقيّة.
(١) المتسالَم عليه بين الأصحاب قدسسرهم أن الإغماء والسكر وغيرهما من الأسباب المزيلة للعقل ناقض كالنوم ، والعمدة في ذلك هو التسالم والإجماع المنقولين عن جمع غفير. نعم توقّف في ذلك صاحبا الحدائق (٢) والوسائل (٣) قدسسرهما إلاّ أن مخالفتهما غير مضرة للإجماع ، لما مرّ غير مرة من أن الاتفاق بما هو كذلك مما
__________________
(١) في بحوث التقية الجهة الثانية ذيل المسألة [٥٢٧].
(٢) الحدائق ٢ : ١٠٧.
(٣) الوسائل ١ : ٢٥٧ / أبواب نواقض الوضوء ب ٤ ذيل الحديث ١.