والثاني ما يخرج بعد خروج المني ، والثالث ما يخرج بعد خروج البول.
______________________________________________________
وثانيتها : حسنة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام « إن سال من ذكرك شيء من مذي أو ودي وأنت في الصلاة ، فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة ، ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عقبيك ، فإنّما ذلك بمنزلة النخامة ، وكل شيء خرج منك بعد الوضوء فإنّه من الحبائل أو من البواسير وليس بشيء ، فلا تغسله من ثوبك إلاّ أن تقذره » (١).
وثالثتها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ثلاث يخرجن من الإحليل وهنّ المني وفيه الغسل ، والودي فمنه الوضوء ، لأنه يخرج من دريرة البول ، قال : والمذي ليس فيه وضوء إنما هو بمنزلة ما يخرج من الأنف » (٢).
أمّا المرسلة فهي إنما اشتملت على تفسير الودي ولم تتعرض لحكمه ، اللهمّ إلاّ أن يستفاد ذلك مما ذكره عليهالسلام في المذي بقرينة السياق.
وأما الحسنة والصحيحة فهما متعارضتان ، لدلالة إحداهما على انتقاض الوضوء بالودي ودلالة الأُخرى على عدمه. وفي الوسائل أن الشيخ حمل الصحيحة على من ترك الاستبراء بعد البول ، لأنه إذا خرج منه شيء حينئذ فهو من بقية البول لا محالة. واستجوده في الحدائق (٣) ولعل الشيخ قدسسره نظر في ذلك إلى رفع المعارضة بالجمع الدلالي ، للأخبار الواردة في البلل المشتبه الخارج بعد البول وقبل الاستبراء منه ، إلاّ أنه مما لا يمكن المساعدة عليه ، لأن ترك الاستبراء من البول إنما يقتضي الحكم بناقضية البلل إذا اشتبه ودار أمره بين البول والمذي مثلاً ، وأما عند العلم بأن البلل الخارج وذي أو مذي أو غيرهما فلا موجب للحكم بانتقاض الوضوء به ، للعلم بعدم كونه بولاً. فالصحيح أن يقال : إن الروايتين متعارضتان ولا بدّ من علاج التعارض بينهما ، والترجيح مع الحسنة للوجوه المتقدِّمة في المذي من الشهرة وموافقة الكتاب والسنّة ومخالفة العامّة.
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٢٧٦ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٢ ح ٢ ، ١٤.
(٣) الحدائق ٢ : ١١٩.