والمثلان ، لما ورد في صدر صحيحة زرارة المتقدمة من أن حائط مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قامة ، وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ... إلخ فإن المراد من القامة هو الذراع كما فسرت به في جملة من الروايات ذكرها صاحب الوسائل في الباب الثامن من أبواب المواقيت.
وقد تضمنت الصحيحة أنه عليهالسلام كان يصلي الظهر بعد مضي الذراع ، وهو كما ترى مساوق لمعنى المثل ، ضرورة أنّ الحائط إذا كان ارتفاعه ذراعاً فعند بلوغ الفيء ذراعاً يبلغ حينئذ فيء كل شيء مثله ، فلا جرم كانت العبرة في وقت النافلة بالمثل والمثلين ، هكذا ذكره المحقق في المعتبر (١).
وفيه أولاً : أن حمل الذراع على المثل كحمل القامة على الذراع كل ذلك خلاف الظاهر جدّاً لا يصار إليه ما لم يقم شاهد عليه ، وقد تقدم سابقاً أن النصوص المفسرة للقامة بالذراع ضعيفة السند (٢) وما تم سنده قاصرة الدلالة فلا تصلح للاستشهاد.
وثانياً : أن حمل القامة في الصحيحة على الذراع لعله مقطوع العدم ، وذلك لأجل كلمة من التبعيضية في قوله : « وكان إذا مضى منه ذراع .. » إلخ فإنه كالصريح في أنّ الذراع بعض الحائط لا نفسه ، وأنه مقابل له وجزء من القامة لا جميعه ، وهذا واضح.
وثالثاً : أن المذكور في ذيل الصحيحة هكذا : « فاذا بلغ فيؤك ذراعاً ... » إلخ وهو كما ترى صريح في أن المراد من القامة هو قامة الإنسان ، وقد لوحظ الذراع بالنسبة الى هذا المقدار وقوبل به ، ومعه كيف يمكن حمله على المثل.
ثانيها : ما عن الشهيد الثاني في روض الجنان (٣) من أن المحكي عن فعل
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٤٨.
(٢) تقدم [ في ص ١٥٢ ] أن فيها ما هو تام السند والدلالة.
(٣) [ لم نعثر عليه والظاهر أنه خطأ ، والصحيح الروضة كما في الجواهر في بحث نافلة الظهرين ، راجع الروضة البهية ١ : ١٨١ ].