يعرفه كما في الجواهر (١) الخارج عن الإسلام فضلاً عن أهله ، وفي حاشية المدارك (٢) أن ذلك من ضروريات الدين والمذهب حتى أن الإقرار به يلقّن الأموات فضلاً عن الأحياء كالإقرار بالله تعالى.
وقد عرفت آنفاً أن الروايات الدالة على ذلك كثيرة جدّاً بحيث لو فرض ورود رواية على خلافها وكانت صحيحة السند صريحة الدلالة لم تنهض لمقاومة تلكم الأخبار ولم تصلح لمعارضتها ، بل وجب تأويلها أو طرحها ورد علمها إلى أهله. كيف والروايات المخالفة كلها ضعيفة السند كما ستعرف.
وإن أرادوا بذلك الاتساع في القبلة بالإضافة إلى البعيدين مع كونها منحصرة بحسب الواقع في شيء واحد وهي الكعبة في حق الجميع غير أن الاتجاه نحوها يختلف بحسب القرب والبعد ، فمن في المسجد يتوجه إلى الكعبة بعينها ، وأما من في خارج المسجد فالاتجاه إلى الكعبة بالنسبة إليه يتحقق بالتوجه إلى جزء من المسجد ، كما أن من هو في خارج الحرم يكون اتجاهه إلى الكعبة بالتوجه إلى الحرم وهذا من شؤون البعد ، وإلا فقبلة الجميع هي الكعبة ليس إلا. فهذا يرجع في الحقيقة إلى القول الأول وليس قولاً آخر في قباله ، إذ لا يدعي المفصل المزبور الاجتزاء بالاتجاه إلى جزء من المسجد حتى مع العلم بالانحراف عن البيت ، بل يجعل ذلك طريقاً لاستعلام الاستقبال إلى الكعبة ، وكذا من هو في خارج الحرم ، وعليه فيصبح النزاع لفظياً محضاً كما لا يخفى.
وأما ما استشهد به لهذا القول من الروايات فقد عرفت أنها لا تكاد تقاوم تلك الأخبار الدالة بظاهرها على انحصار القبلة في الكعبة حتى لو كانت صحيحة السند ، والذي يهوّن الخطب أن أسانيدها بأجمعها ضعيفة.
__________________
(١) الجواهر ٧ : ٣٢٢.
(٢) حاشية المدارك : ١٥١.