وفيه أوّلاً : أنّ ذيل الصحيحة الاولى الذي هو مركز الاستدلال لم يذكر لا في الكافي (١) ولا في العلل (٢) وإنما ذكره الصدوق في الفقيه (٣) وحيث إنّ طريقه إلى محمد بن مسلم ضعيف (٤) فهي غير صالحة للاستدلال ، فتبقى الصحيحة الثانية الدالة على لزوم التغطية سليمة عن المعارض.
وثانياً : أنّ النسبة بينهما عموم مطلق لا من وجه إذ الصحيحة الثانية أيضاً خاصة بالصلاة كالأُولى ، فإنّه وإن لم يصرّح بها فيها لكنّه يعلم ذلك من التعبير بتغطية الرأس التي هي من خواص الصلاة ، ضرورة عدم وجوبها في غيرها على الحرة فضلاً عن الأمة ، إذ اللازم على المرأة التستر من الأجنبي كيف ما اتفق ، ولو بالدخول في غرفة أو في مكان مظلم. إذن فمقتضى الصناعة ارتكاب التخصيص بالالتزام بالتغطية في خصوص أُم الولد.
وثالثاً : أنّ الصحيحة الأُولى لم ترد في أُم الولد وإن استظهره المحقق الهمداني قدسسره (٥) مستشهداً له بأنّ الباعث على السؤال هو تشبّثها بالحرية الموجب لتوهم إلحاقها بالحرة في لزوم التغطية ، إذ فيه أنّه على هذا لا ينسجم الجواب ولا يرتبط بالسؤال ، إذ ليت شعري أي علاقة وارتباط بين الحيضية وبين الولادة المستتبعة للتشبث بالحرية فضلاً عن أن يكون الحكم في الحيض أقوى كما ربما تشعر به الملازمة في قوله عليهالسلام : « لو كان عليها لكان عليها ... » إلخ.
بل الظاهر أنّ المفروض في السؤال مجرد ولادة الأمة ولو من غير مولاها فكأنّ السائل تخيّل أنّها بذلك تصبح بالغة تجري عليها أحكام الحرة
__________________
(١) الكافي ٥ : ٥٢٥ / ٢.
(٢) علل الشرائع : ٣٤٦ / ب ٥٤ ح ٣.
(٣) الفقيه ١ : ٢٤٤ / ١٠٨٦.
(٤) الفقيه ٤ ( المشيخة ) : ٦.
(٥) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٦٠ السطر ٥.