ويشهد لهذا الارتكاز ملاحظة نظائر المقام وأشباهه ، فلو غصب مقداراً من الشاي فصبّ عليه الماء المغلي المباح حتى اكتسب اللون وبقي الثافل ، أو مقداراً من التمر فألقى عليه الماء وبقي مدة حتى اكتسب حلاوة وصار نقيعاً ، أفهل يمكن القول بجواز شرب الشاي أو النقيع بدعوى أنّ المغصوب تالف والموجود لون أو حلاوة لا يستند إلى المالك فيحل للغاصب ولا يضمن إلا قيمة المغصوب.
وأوضح من ذلك ما لو غصب الدهن وألقاه على الأرز بحيث لا يمكن ردّه أفهل ترى جواز أكله بزعم أنّ الدسومة عرض تالف مع وضوح بقاء عين المغصوب غايته بشكل آخر.
وأوضح من الكلّ ما لو غصب كميّة من السكر وأذابها في الماء أفهل يسمح في شربه استناداً إلى الدعوى المزبورة ، كل ذلك لا يكون إتلافاً ، ولا يكون الاستعمال سائغاً في شيء من هذه الموارد ، والسرّ ما عرفت من بقاء عين المغصوب وإن تغير شكله وتبدّلت هيئته. فدعوى التلف والسقوط ساقطة البتة.
وعليه فلا ينبغي التأمل في عدم جواز الصلاة في الثوب المصبوغ في محل الكلام ، كما لا يجوز في الثوب المخيط بالخيط المغصوب حسبما عرفت ، هذا.
ولكنه ( دام ظله ) جدّد النظر أخيراً حول ما أفاده في المقام وبنى على افتراق الأمثلة المذكورة عن الصبغ الذي هو محلّ الكلام ، نظراً إلى اشتمالها على عين المغصوب ولو بصورة اخرى ومن شكل إلى آخر ، وأمّا الصبغ فإنّما يكون من هذا القبيل لو كان المصبوغ حاملاً لعين الصبغ كما في صبغ اللوح أو الحديد وأمّا الثوب فلا يحمل أي جزء منه ، وإنّما يبقى فيه اللون الخالص الذي هو صفة محضة. ومن المقرر في محلّه (١) أنّ الأوصاف لا تقابل بشيء من المال وإن أوجبت الازدياد في قيمة العين ، فلا يقاس الصبغ المبحوث عنه بتلك الأمثلة ، بل يعدّ تالفاً بنظر العرف بعد افتراض زوال العين ، فلا مانع من الصلاة فيه. وبذلك
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٧ : ٢٦٩.