أمّا الموضوع فربما يناقش في إمكان الجمع بين الغصب والإذن ، لما يتراءى بينهما من التضاد.
ويندفع : بانتزاع الغصب من الاستيلاء على مال الغير من دون إذنه ورضاه ، سواء تصرّف فيه خارجاً أم لا ، فلو تصرّف فقد ارتكب محرّماً آخر. وعليه فربما لا يرضى المالك بالغصب ولا يزال يطالب بالردّ إلا أنّ حنانه على الغاصب يمنعه عن الرضا ببطلان صلاته ويدعوه إلى الإذن في هذا التصرف الخاص ، في حين كونه ساخطاً على أصل الاستيلاء ، ولا تنافي بين الأمرين بوجه.
وأمّا الحكم فقد يتوهم المنع ، نظراً إلى أنّه بعد ما كان مأموراً بالردّ في كلّ آن بمقتضى افتراض الغصب فهذا الأمر يستدعي النهي عن ضده وهو الصلاة ، ولا يرفعه إذن المالك ، لعدم مقاومته مع نهي الشارع ، وبذلك يفترق الغاصب عن غيره. وإليه يشير الماتن بقوله : خصوصاً ... إلخ.
وفيه : مضافاً إلى منع المبنى ، لعدم اقتضاء [ الأمر ] النهي عن الضد الخاص أنّ النهي بعد تسليمه غيري ، ومثله لا يقتضي الفساد حتى في العبادات كما هو موضح في محلّه (١).
وعليه فالأصح ما ذكره في المتن من عدم الفرق بين الغاصب وغيره من هذه الجهة.
وأما الثاني : أعني ما لو أطلق الإذن ، فإن أُحرز الظهور في العموم بحيث يتناول الغاصب أو أُحرز عدمه فلا إشكال ، ويختلف ذلك باختلاف المقامات والمناسبات كما لا يخفى. وإن لم يحرز فان تمّ الانصراف إلى غير الغاصب فهو وإلا كان المرجع أصالة عدم الرضا ، المقطوع به حال الغصب ، وبذلك يحرز عدم تناول الإذن للغاصب.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ٨٧.