الأخبار من أنّه حيوان لا يعيش خارج الماء ، فلا ينطبق على ما هو المسمّى بالخزّ الآن الذي هو دابة يعيش في البر ولا يموت بالخروج من الماء (١) غير قابل للتصديق ، لما عرفت من أنّ المتبع في أمثال المقام أصالة عدم النقل ، التي هي أصل عقلائي يعوّل عليه في تشخيص مفاد الكلمات المحرّرة في السجلات منذ قرون متمادية ، ولا يعتنى باحتمال إرادة معنى آخر ما لم يثبت خلافه ، استناداً إلى الأصل المزبور ، فإنّه لو لم يجر في المقام لم يجر في بقية الموارد بمناط واحد فيختل باب استنباط الأحكام وقد بنى فقهاؤنا العظام على كشف مقاصد الأئمة عليهمالسلام مما يفهمونه من الألفاظ في عصرهم ، ولا يبالون باحتمال النقل المدفوع بالأصل.
وأمّا ما أشار إليه من الأخبار التي منها رواية ابن الحجاج (٢) فلعل المراد أنّه لا يعيش خارج الماء دائماً ، فلا مانع من خروجه أحياناً ، كما في كثير من الحيوانات البحرية كالضفدع ونحوه ، بل يظهر من رواية حمران بن أعين أنه « سبع يرعى في البرّ ويأوي في الماء » (٣).
وعليه فلا ينبغي الاستشكال في انطباق المذكور في الأخبار على ما هو المعروف في زماننا مما يسمّى باسم الخز ، هذا بحسب المفهوم.
وأمّا تشخيص الموضوع وتعيين المصداق فهل يكفي إخبار البائع بذلك؟ يظهر من المحقق الهمداني ذلك ، نظراً إلى قيام السيرة على سماع إخبار ذي اليد من أرباب الصنائع والبضائع عن حقيقة ما في يده وتصديقه فيما يدّعيه ، فمن أراد شيئاً من الأدوية يرجع إلى العطار ، أو من الأقمشة يرجع إلى التجار ويركن إلى قوله وإن لم يعرفه بنفسه ، فكذلك إخبار البائع عن كون ما في يده خزاً (٤).
__________________
(١) البحار ٨٠ : ٢٢٠.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٦٢ / أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١ ، وقد تقدمت في ص ١٨٤.
(٣) الوسائل ٢٤ : ١٩١ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٢.
(٤) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٣٠ سطر ٢.