المتصلة تمنع عن أصل الظهور وتصادم انعقاده ، فلا ظهور للعام في ابتداء الكلام إلا فيما عدا الخاص. وبذلك ينعدم موضوع المعارضة لتقوّمها بظهورين متصادمين ، وليس في البين إلا ظهور واحد.
أمّا في المنفصلة فقد انعقد الظهور للعام واستقر الكلام ، فاذا لم يكن المخصص المنفصل صالحاً للتخصيص لاستلزامه إخراج المورد كما هو المدعى فلا جرم تتحقق المعارضة بينهما. فلو قيل إنّ زيداً باع جميع كتبه إلا الفقهية ، لم يكن ثمة تعارض بين المستثنى والمستثنى منه. أما لو قيل إن زيداً باع جميع كتبه ولم يبق عنده ولا كتاباً واحداً ، ثم بعد مدّة قيل إنّه لم يبع كتبه الفقهية ، رأى العرف تهافتاً وتناقضاً بين الكلامين. والسرّ ما عرفت من عدم انعقاد الظهور إلا بعد التخصيص في الأوّل ، وانعقاده قبله في الثاني.
وعليه فالصحاح المجوّزة للصلاة في السنجاب تعارض الموثقة المانعة التي هي كالنص في موردها حسب الفرض. فهذا الجواب غير تام.
والصحيح في المقام أن يقال : إنّ تخصيص المورد إنّما يكون ممنوعاً فيما إذا كان بخصوصه منظوراً من العام ومعقوداً عليه الكلام ، فكان المجيب ناظراً إلى مورد السؤال ، كما لو سئل عن إكرام زيد العالم ، فقال : أكرم كلّ عالم ، أو عن إكرام شارب الخمر ، فقال : لا تكرم كلّ فاسق. فانّ إخراج هذا المورد بعد ذلك بمخصص منفصل موجب للتناقض كما أُفيد.
وأمّا إذا لم يكن المجيب ناظراً إلى مورد السؤال وإنّما تعرّض لحكم كلّي ولا سيما إذا كان السؤال عن أُمور عديدة كما في المقام ، حيث إنّ زرارة سأل في موثقة ابن بكير أبا عبد الله عليهالسلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من دون أن يكون السائل ناظراً إلى خصوص السنجاب ولا المجيب ، وإنّما ذكره في السؤال من باب المثال ، وقد أعطى الإمام عليهالسلام ضابطة كلّية بنطاق عام ، فانّ مثل هذا العموم لا يكون نصّاً في المورد المزبور ، بل غايته أنّه ظاهر في الشمول له ظهوراً قابلاً للتخصيص بدليل