والمشيرية. وأمّا بناءً على ما هو الصواب كما عرفته سابقاً (١) من كون الموضوع نفس العنوان ، نظراً إلى أنّ الحمل على المعرفية خلاف ظواهر الأدلّة لا يصار إليه من دون القرينة ، فلا تمكن المساعدة على ما ذكره قدسسره.
رابعها : ما ذكره هو قدسسره (٢) أيضاً من أنا لو سلّمنا كون العبرة بالحلية والحرمة لا بذوات الحيوانات إلا أنّه لا ينبغي الشك في أنّ المراد بهما ما كان كذلك ذاتاً وبحسب الطبع الأوّلي في أصل التشريع ، دون الحلّية والحرمة الفعليين ، لعدم دوران جواز الصلاة وعدمه مدارهما. ألا ترى أنّ الصوف المتخذ من ميتة الشاة تجوز فيه الصلاة وإن حرم لحمها لمكان الموت أو لاعتبارات أُخر ، حتى في المذكّى من غصب أو ضرر أو صوم وما شاكل ذلك من العناوين الثانوية الموجبة للحرمة الفعلية ، كما أنّه ربما لا تجوز الصلاة وإن حلّ الأكل فعلاً كالوبر المتخذ من أرنب حلّ أكل لحمه لاضطرار ونحوه.
وبالجملة : موضوع الحكم هو الشأني الطبعي منهما لا الفعلي. ومن البديهي أنّ أصالة الحلّ متكفّلة لإثبات الحلّية الفعلية ، ولا نظر فيها إلى الحلّية الطبيعية بوجه. ولا ملازمة بين الأمرين ، لجواز التفكيك من الطرفين ، إذ لا تنافي بين الحلّية الذاتية والحرمة الفعلية ، وكذا عكسها حسبما عرفت. فما هو موضوع الحكم لا يثبته الأصل ، وما يثبته لم يكن موضوعاً للحكم.
نعم ، ربما يكون التعبد الشرعي متعلقاً بالحلّيّة الشأنية كما لو شك في تبدّلها بحرمة مثلها بعروض الجلل أو صيرورتها موطوءة الإنسان بشبهة حكمية أو موضوعية ، أو في زواله بالاستبراء فنستصحب الحالة السابقة من الحلّية أو الحرمة الطبيعيتين ، إلا أنّ ذلك خارج عن نطاق البحث ، إذ الكلام في أصالة الحلّ التي ليس مفادها إلا الحلّية الفعلية حسبما عرفت.
وما أفاده قدسسره في غاية الجودة والمتانة ، وهو الوجه الصحيح الذي
__________________
(١) في ص ٢٢٨.
(٢) رسالة الصلاة في المشكوك : ٣٢٧.