بالحالة السابقة بأن كان العرض بوجوده النعتي متيقناً سابقاً جرى فيه الاستصحاب ، وإلا فاستصحاب وجوده المحمولي وضمه إلى المحلّ المحرز بالوجدان لا يجدي في ترتب الأثر ، إذ لا يثبت به عنوان الاتصاف والوجود النعتي الذي لا مناص من أخذه في الموضوع إلا على القول بالأصل المثبت.
ونظير ذلك ما إذا كان الأثر مترتباً على زيد وعماه ، فانّ العمى ليس عبارة عن مجرد عدم البصر ، بل الاتصاف به ، ولذا كان التقابل بينه وبين البصر من تقابل العدم والملكة حيث إنّ هذا العدم له حظ من الوجود ، وليس كتقابل السلب والإيجاب وحينئذ فان كان الاتصاف المزبور بنفسه متيقناً سابقاً جرى فيه الاستصحاب ، وإلا فمجرّد عدم الاتصاف بالبصر (١) الثابت في الأزل وقبل أن يوجد زيد لا يجدي في إثبات عنوان الاتّصاف إلا على القول بالأصل المثبت ، وهذا في نفسه لا شبهة فيه.
إنّما الكلام في إقامة البرهان على هذه الدعوى ، وهي أنّ الموضوع إذا كان مركّباً من العرض ومحلّه لزم أخذ عنوان الاتصاف في الموضوع ولحاظ العرض ناعتاً.
ذكر شيخنا الأُستاذ قدسسره (٢) في وجه ذلك أنّ انقسام الشيء في حدّ نفسه إلى الإطلاق أو التقييد بلحاظ الحالات والأوصاف الطارئة عليه مقدّم على لحاظ التقسيم المزبور بالإضافة إلى مقارناته وعوارضه ، لتقدّم رتبة الجوهر على العرض بالطبع ، لمكان افتقار العرض إلى المحلّ واستغناء الجوهر عنه ، ولأجله لا يبقي التقسيم الأوّل ولحاظ الذات مطلقاً أو مقيداً مجالاً للتقسيم الثاني ولا عكس.
مثلاً إذا كان الموضوع مركّباً من زيد وعدالته فالذات وهو زيد إذا لوحظ في حدّ نفسه وقيس بالإضافة إلى صفته وهي العدالة يمكن أخذه في
__________________
(١) [ وفي الأصل : وإلا فمجرد اتصاف عدم البصر. والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) رسالة الصلاة في المشكوك : ٤٢٠.