عن الصلاة في السفر وأنا أمشي ، قال : أوم إيماءً واجعل السجود أخفض من الركوع » (١).
وصحيحته الأُخرى ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يصلّي على راحلته إلى أن قال قلت : يصلّي وهو يمشي؟ قال : نعم ، يومئ إيماءً ، وليجعل السجود أخفض من الركوع » (٢) فانّ تجويز الصلاة في السفر حال المشي مع استلزامه الانحراف عن القبلة عادة يقضي بعدم اعتبار الاستقبال في هذا الحال ، ومن الواضح أنّ إطلاق الصحيحة الأخيرة شامل لحال السفر ، بل هو المتيقّن منه كما لا يخفى.
نعم ، مقتضى صحيحة ابن عمار لزوم الإتيان بالركوع والسجود مراعياً للقبلة ، لكنّها محمولة على الأفضلية ، بقرينة الصحيحتين الأخيرتين الصريحتين في عدم وجوب الركوع والسجود وكفاية الإيماء إليهما بعد حمل الأمر به فيهما لمكان وقوعه موقع توهم الحظر على الجواز. فيستفاد من مجموع ذلك جواز ترك الركوع والسجود والاقتصار على الإيماء حال المشي ، وإن كان الأفضل أن يقف فيركع ويسجد مع مراعاة الاستقبال حينئذ لكونه في حال الاستقرار.
بقي شيء : وهو أنّك قد عرفت في المسألة السابقة سقوط الاستقبال في السفر حال الركوب بالأدلّة الخاصة ، وهل مقتضاها سقوط الاستقبال رأساً فيجوز التنفل إلى أي جهة شاء ، ولو إلى يمين الدابة أو يسارها أو خلفها كما لو ركبها مقلوباً أو على أحد جانبيها ، أو يجب استقبال الجهة التي تتوجه إليها الدابة فتكون القبلة في حقّه حينئذ رأس الدابة ، ولا يجوز الاتجاه نحو سائر الأطراف؟
المعروف بين المتأخرين هو الأول ، لعدم الدليل على الثاني ، والأدلة الخاصة لا تقتضيه ، بل مفادها إلغاء اعتبار الاستقبال في هذا الحال على الإطلاق ، ومع الشك فالأصل البراءة.
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٤ : ٣٣٥ / أبواب القبلة ب ١٦ ح ٣ ، ٤.