ذلك بين كثرة الأفراد بحسب الوجود الخارجي وفي مقام الفعلية والانطباق وقلّتها.
ولعمري إنّ هذا واضح جدّاً لا يكاد يخفى. فالخلط بين المقامين وقياس التخصيص بالموت كما صدر منه قدسسره غريب جدّاً.
وأغرب منه استشهاده قدسسره لذلك بذهاب جمع من الأعلام إلى التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، بدعوى أنّ التخصيص لو كان موجباً للتضيّق كما هو الحال في التقييد بلا كلام لم يكن مجال للتمسك المزبور ، ولم تصدر هذه الدعوى من أحد ، كما لم يشك أحد في عدم جواز التمسك بالإطلاق في الشبهة المصداقية ، ومن ثمّ لم يعنونوا هذا البحث في ذلك الباب.
إذ فيه : أنّ عدم تعرّض أُولئك الجماعة للتمسك بالإطلاق في الشبهات المصداقية لا يكشف عن عدم تمسكهم به فيها ليكون مغايراً مع العام ، ضرورة أنّ كثيراً من المباحث المذكورة في باب العام والخاص لا يتكلّمون عليها في باب المطلق والمقيد لاستغنائهم عنها فيقتنعون بما باحثوا في ذلك الباب ، لوحدة المناط واتحاد الملاك ، وإليك بعضها :
فمنها : البحث عن حجية العام في الباقي بعد التخصيص بالمنفصل ، حيث أنكرها جماعة ، نظراً إلى أنّ العام يكون حينئذ مجازاً في الباقي ، وحيث إنّ مراتب المجازات مختلفة ولا قرينة على التعيين فلا جرم يسقط عن الحجية. وأُجيب عنه بما هو مذكور في محلّه (١) مع أنّهم قد اتفقوا ظاهراً على أنّ المطلق بعد ورود التقييد عليه يصبح مجازاً ، بل إنّ هذا قد استقر عليه رأيهم إلى زمان سلطان العلماء ، فكان أحرى بالتعرض ، فكيف أهملوه في هذا الباب.
ومنها : بحث جواز التمسك بالعام في الزائد على المقدار المتيقن من المخصص المنفصل الدائر بين الأقل والأكثر ، فانّ مناطه يجري في باب المطلق أيضاً وقد أهملوه.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٦٤.