بمعنى أن يكون أحد الوجودين متقوّماً بالوجود الآخر غير متحقّقة ، إذ لا معنى للربط بهذا المعنى بين الشخص والنوع ، أو هو مع الجنس أو الفصل وهكذا كما لا يخفى.
وأوضح حالاً القضايا الذاتية في باب البرهان كقولنا : اجتماع النقيضين محال. إذ لا معنى للربط المزبور بين الاستحالة وبين اجتماع النقيضين وإن كانت النسبة الكلامية موجودة.
إذن فالوجود الرابط منحصر في العرض ومعروضه ، لما عرفت من [ أنّ ] وجوده في نفسه عين وجوده في محله. وأمّا عدم العرض فلا يتحقق ربط فيه ومن ثمّ لا يؤخذ وصفاً إلا بنحو من العناية ، فتكون القضية السالبة من المعدولة المحمول كما في قولنا : زيد أعمى (١).
وممّا ذكرنا يظهر الخلل في جملة من كلمات المحقق النائيني قدسسره التي منها ما ذكره من أنّه إذا تردد العدم بين أن يكون ناعتاً وأن يكون محمولياً فليس لدينا أصل يعيّن أحدهما (٢).
إذ فيه ما عرفت من أنّ العدم بحسب طبعه الأولي إنّما يؤخذ محمولاً وتحتاج النعتية إلى عناية زائدة ، فمن دون ثبوتها يحمل على المحمولية بطبيعة الحال ، فلا يستقر الشك لنحتاج إلى تأسيس الأصل.
وقد تلخّص من جميع ما ذكرناه : أنّ الموضوع المركّب من وجود العرض ومحلّه لا بدّ فيه من أخذ العرض ناعتاً ، وعليه فلا يجري استصحاب وجوده إلا إذا كانت الذات مع اتصافها بالعرض موجودة سابقاً فتستصحب ، فيقال : إنّ زيداً كان عالماً قبل الآن ، والآن كما كان. وأمّا استصحاب عدمه فيجري بلا إشكال ، فنستصحب عدم كرّية الماء لدى الشك فيها ، ضرورة أنّ كلّ عدم له تحقق سابقاً وإن أُخذ وجوده ناعتاً.
__________________
(١) [ لعل هذه الجملة لا تصلح مثالاً لما ذكره ].
(٢) رسالة الصلاة في المشكوك : ٤٢٣.