سائر الأُمور التدريجية التي يشك في بقائها أو في بقاء صفتها كالحركة نفسها أو سرعتها أو بطئها.
ومن هنا يتجه التفصيل في صحة الصلاة بين عروض المشكوك جزئيته لما لا يؤكل أثناء الصلاة وبين ما إذا كان مقارناً معها عند افتتاحها كما هو أحد الأقوال في المسألة فيحكم بالصحة في الأول تمسكاً باستصحاب عدم المانع ، وبالبطلان في الثاني ، لعدم جريان هذا الاستصحاب إلا بنحو التعليق. وسيجيء البحث عنه (١).
وأمّا إذا قلنا بأنّ مركز الاعتبار هو المصلّي نفسه دون الصلاة ودون اللباس كما استظهرناه سابقاً من موثقة سماعة فراجع (٢) جرى الاستصحاب الموضوعي حينئذ ، وحكم بالصحة بضم الوجدان إلى الأصل ، حتى فيما إذا كانت الصلاة من أوّل وجودها مقرونة بما يشكّ في كونه من أجزاء ما لا يؤكل ، فيقال : إنّ المصلّي قبل لبسه لهذا المشكوك لم يكن لابساً أو مصاحباً لأجزاء ما لا يؤكل والآن كما كان ، فيحرز عدم المانع باستصحاب العدم النعتي ، لوجود الحالة السابقة كما هو ظاهر.
نعم ، لا يحرز بهذا الاستصحاب حال نفس المشكوك وأنّه من أجزاء ما لا يؤكل أو من غيره إلا على القول بالأصل المثبت ، لكنّا في غنى عن إحراز ذلك إذ لا حاجة إليه بعد أن لم يكن اللباس بنفسه مركزاً لاعتبار المانعية ، وإنما هو المصلّي نفسه كما هو المفروض. وهذا نظير ما لو خرج من المتطهر مائع مردد بين البول والمذي ، فانّ استصحاب الطهارة وعدم انتقاضها بالحدث جارٍ وإن لم يحرز بذلك حال المائع وأنّه طاهر أو نجس ، لترتّب الأثر على كونه متطهراً ، وقد ثبت بالاستصحاب.
ومرجع ذلك في المقام وفي المثال إلى عدم الفرق في جريان الاستصحاب بين
__________________
(١) في الوجه السابع
(٢) ص ٢٣٤.