تسليمه في نفسه في خصوص مثال العنب والزبيب فهو حقّ أيضاً لا محيص عنه ، لما عرفت من تعدد الموضوع في القضيتين وتباينه ، فانّ المتيقن السابق موضوعه العصير العنبي ، والمشكوك لاحقاً هو الماء الخارجي الملقى على الزبيب ، وهما متباينان عرفاً كما مرّ.
وأمّا ما أفاده قدسسره من قياس المقام بهذا المثال وأنّ الموضوع هنا أيضاً متعدد فلا يمكن المساعدة عليه ، ضرورة أنّ الموضوع في المقام هو طبيعي الصلاة ، واليقين والشك إنّما يلحظان بالإضافة إلى نفس الطبيعة ، وهي الموضوع للمستصحب ، فالمتيقّن السابق هو أنّ طبيعي الصلاة لو كانت متحقّقة في الخارج لكانت صحيحة أي غير واقعة فيما لا يؤكل ويشك بقاءً في ثبوت هذا الحكم التقديري لنفس تلك الطبيعة. فلو بنينا على صحة الاستصحاب التعليقي لم يكن مانع من جريانه من هذه الجهة.
نعم ، لو كان الموضوع هي الصلاة الخارجية دون الطبيعة لتمّ ما أُفيد ، لعدم تحققها سابقاً ، وعند وجودها في ظرف الشك يشكّ في حكمها من أول الأمر ، فلم يكن الموضوع باقياً ومحفوظاً في القضيتين. لكنّه بمراحل عن الواقع كما عرفت.
فالصحيح في الجواب أن يقال : إنّ الاستصحاب التعليقي على تقدير تسليمه فإنّما يجري فيما إذا كان التعليق راجعاً إلى الحكم الشرعي نفسه ، بأن كان الموضوع متحقّقاً بالفعل وقد ثبت له حكم تعليقي أو تنجيزي ، فيعمم الاستصحاب لكلا النوعين من الحكم.
وأمّا إذا كان التعليق راجعاً إلى نفس الموضوع أو المتعلّق فلا مجال لجريان الاستصحاب حينئذ أصلاً ، ضرورة أنّ الآثار إنّما تترتب على الموضوع المفروض وجوده بالفعل ، وعند تحققه الخارجي ، وأمّا الوجود التقديري المعلّق على شيء لم يتحقق فلا أثر له ، فلا يكون قابلاً للتعبد.
كما أنّ الملازمة المتيقنة سابقاً وهي أن الموضوع لو كان موجوداً لترتّب عليه الأثر غير قابلة لورود التعبّد بها ، لعدم كونها بنفسها حكماً شرعياً ، ولا