وشعره إلى قوله : وكلّ شيء منه فاسدة » المتكفّلة لبيان المانعية بحسب الجعل الأوّلى ، فإنّ الحمل على التأكيد على خلاف الأصل. فالمتحصّل من مجموع الموثقة حكمان تأسيسيان :
أحدهما : جعل المانعية لما لا يؤكل بحسب أصل الشرع وبالعنوان الأوّلي وقد دلّت على ذلك الفقرة السابقة.
الثاني : أنّه لو صلّى فيما لا يؤكل لجهة من الجهات من غفلة أو جهل أو نسيان فإنّه لا يجتزئ بتلك الصلاة حتى يصلّيها في غيره مما أحلّ الله أكله. وهذا هو المستفاد من الفقرة اللاحقة أعني قوله عليهالسلام : « لا يقبل الله تلك الصلاة ... » إلخ التي هي في قوة الأمر بالإعادة.
وعليه فتقع المعارضة بين الموثقة في هذه الفقرة وبين حديث لا تعاد بالعموم من وجه ، لأعميّة الأُولى بالنسبة إلى صورتي الجهل والنسيان واختصاصها بما إذا كان الخلل من حيث الوقوع فيما لا يؤكل ، كما أنّ الحديث عام بالإضافة إلى هذا الخلل وغيره وخاص بالنسيان لعدم شموله للجاهل بناءً على مختاره قدسسره من الاختصاص بالناسي ومورد المعارضة هي الصلاة الواقعة فيما لا يؤكل نسياناً ، فتجب الإعادة بمقتضى الموثّق ، ولا تجب بمقتضى الحديث.
إلا أنّ صورة الجهل خارجة عن الموثّق بمقتضى صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة النافية للإعادة فيما لو صلّى وهو لا يعلم ، فيختصّ الموثّق بالناسي فتنقلب النسبة حينئذ بينه وبين الحديث إلى العموم والخصوص المطلق ، إذ الموثّق يكون حينئذ أخصّ من الحديث كما لا يخفى ، فيخصّص الحديث به ونتيجة ذلك الحكم بالبطلان ووجوب الإعادة في صورة النسيان. فاتّجه التفصيل حينئذ في المقام بين الجهل والنسيان ، فيحكم بالصحة في الأوّل لصحيحة عبد الرحمن ، وبالبطلان في الثاني للموثق كما عليه المشهور.
أقول : الذي ينبغي أن يقال في المقام : أمّا بالنظر إلى الصحيحة فهي غير شاملة لجميع فروض الجهل ، فانّ موردها عذرة الإنسان أو السنّور أو الكلب