والأقوى هو الأوّل ، لانصراف ما دلّ على اعتبار الاستقبال في الفريضة إلى الفرائض الأصلية ، أي ما فرضه الله تعالى على العباد بحسب التشريع الأوّلي لا ما فرضه المكلّف على نفسه بنذر ونحوه ، فانّ ذلك خارج عن منصرف تلك الأدلّة وما ينسبق منها إلى الذهن كما لا يخفى.
وعليه فلا تصل النوبة إلى المعارضة بين تلك الأدلّة وبين ما دلّ على سقوط الاستقبال في النوافل التي تكون النسبة بينهما العموم من وجه ، لشمول الاولى للفرائض الذاتية والعرضية والثانية للنافلة المنذورة وغيرها حتى يرجع في مادة الاجتماع وهي النافلة المنذورة بعد تساقط الدليلين بالمعارضة إلى العام الفوق وهو قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلا إلى القبلة » (١) فيحكم فيها بوجوب الاستقبال لما عرفت من عدم الإطلاق في أدلة الفرائض ، فيرجع إلى إطلاق أدلة النوافل السليمة عن المعارض.
ويؤكد ذلك ما ورد في بعض الروايات المتقدمة من إتيان النبي صلىاللهعليهوآله بصلاة الليل وهو على راحلته مع أنها واجبة عليه بالخصوص.
نعم ، مع الغض عما ذكرناه من الانصراف وتسليم الإطلاق في أدلّة الفرائض كالنوافل واستقرار المعارضة بينهما تعين الرجوع حينئذ إلى عموم قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلا إلى القبلة » لعدم المخرج عنه في المقام عدا ما يتوهم من خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن رجل جعل لله عليه أن يصلّي كذا وكذا هل يجزئه أن يصلّي ذلك على دابته وهو مسافر؟ قال : نعم » (٢).
لكن الخبر ضعيف السند ، لاشتماله على محمد بن أحمد العلوي ولم يوثق ، فلا يمكن الاعتماد عليه في الخروج عن العام المزبور.
وقد حاول جمع من الأفاضل وعمدتهم الوحيد البهبهاني في حاشية
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣١٢ / أبواب القبلة ب ٩ ح ٢.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٢٦ / أبواب القبلة ب ١٤ ح ٦.